الصحابي سعيد بن زيد
هو الصحابي الجليل أبو الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل عبد العزي بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي القرشي العدوي، ولد -رضي الله عنه- في مكة قبل الهجرة باثنتين وعشرين سنة، ووالدته هي فاطمة بنت بعجة بن مليح الخزاعية، وكان والده زيد بن عمرو قبل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- أحد الحنفاء الذين طلبوا دين الحنيفية على دين سيدنا إبراهيم -عليه السلام-، فكان لا يعبد الأصنام ولا يأكل الميتة والدم.
وهو ابن عم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وصهره؛ فهو زوج أخته فاطمة بنت الخطاب -رضي الله عنها-، كما أن عمر صهره، فأخته عاتكة بنت زيد بن عمرو هي زوجة عمر بن الخطاب، كان -رضي الله عنه- من فضلاء الصحابة وساداتهم، فهو من السابقين إلى الإسلام، حيث أسلم قبل دخول النبي دار الأرقم بن أبي الأرقم، بدعوةٍ من أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- فسارع إليه، وكان سبباً في إسلام عمر، حيث أسلم هو وزوجته قبل إسلام عمر -رضي الله عنهم-، فكان من أوائل المسلمين والمهاجرين.
صفات سعيد بن زيد وشخصيته
كان -رضي الله عنه- رجلاً طويلاً، آدم؛ أي أسمر البشرة، أشعر؛ أي كثير الشعر، واتصف -رضي الله عنه- بالعديد من الأخلاق الحسنة والفضائل الكريمة التي برزت في شخصيته، فعُرف بالجود والحِلم، والزهد والورع، والذكاء والعلم، والقوة والشجاعة، فكان -رضي الله عنه- حليماً جواداً، شجاعاً قوياً، من أكثر الصحابة علماً واتباعاً للنبي، ومن الأذكياء العقلاء،وفيما يلي ذكر ما يدل على اتصافه ببعض صفاته:
إقرأ أيضا:أين دفن عثمان بن عفان؟- الزهد والورع: كان -رضي الله عنه- شديد الورع والزهد، اعتزل الدنيا واستغنى عن ملذاتها، فكان ممن زهد في الرئاسة والمال، حيث جعله أبو عبيدة -رضي الله عنه- عندما فُتحت دمشق والياً عليها، إلا أنه زهد عن الرئاسة والحكم، فكتب كتاباً لأبي عبيدة يعتذر فيه عن منصب الولاية، ويطلب منه الاستمرار بالجهاد، فقبل أبو عبيدة.
- القوة والشجاعة: كان -رضي الله عنه- شجاعاً قوياً، فقد شارك في المشاهد والغزوات كلها مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلازمه في جميع الغزوات وأبلى فيها بلاء حسناً، إلا غزوة بدر، وذلك لأنه -صلى الله عليه وسلم- كان قد أرسله مع طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- إلى طريق الشام ليعرفوا أخبار قافلة أبي سفيان قبل وقوع الغزوة، ولما رجعا كانت غزوة بدر قد انتهت، إلا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد ضرب لهما بسهمين كمن اشترك فيها، فكان من البدريين، وواصل في الجهاد -رضي الله عنه- بعد وفاة رسول الله في عهد الخلفاء الراشدين، فشارك في معركة اليرموك وفتح دمشق.
أحد العشرة المبشرين بالجنة
يعد -رضي الله عنه- واحداً من الصحابة الذين بشرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة صراحة، فجاء في الحديث الذي رواه هو: (عشرةٌ في الجنَّةِ : أبو بَكْرٍ في الجنَّةِ ، وعُمرُ في الجنَّةِ ، وعليٌّ وعثمانُ والزُّبَيْرُ وطلحةُ وعبدُ الرَّحمنِ وأبو عُبَيْدةَ وسعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ . قالَ : فعدَّ هؤلاءِ التِّسعةَ وسَكَتَ عنِ العاشرِ ، فقالَ القومُ : ننشدُكَ اللَّهَ يا أبا الأعورِ منِ العاشرُ ؟ قالَ : نشدتُموني باللَّهِ ، أبو الأعوَرِ في الجنَّةِ)، وأبو الأعور هو نفسه سعيد بن زيد.
إقرأ أيضا:كيف توفي أبو عبيدة بن الجراحمستجاب الدعوة
كان -رضي الله عنه- مجاب الدعوة، ومن ذلك قصته مع أروى بنت أنيس، حيث شكته إلى مروان بن الحكم وكان أمير المدينة وادَّعت عليه أنه ظلمها وأخذ من أرضها، فأنكر ذلك، فدعا الله -تعالى- إن كانت كاذبة أن يعمي بصرها، وأن يجعل قبرها في دارها، فاستجاب الله له.
فجاء في الحديث: (أنَّ أَرْوَى خَاصَمَتْهُ في بَعْضِ دَارِهِ، فَقالَ: دَعُوهَا وإيَّاهَا، فإنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الأرْضِ بغيرِ حَقِّهِ، طُوِّقَهُ في سَبْعِ أَرَضِينَ يَومَ القِيَامَةِ، اللَّهُمَّ، إنْ كَانَتْ كَاذِبَةً فأعْمِ بَصَرَهَا، وَاجْعَلْ قَبْرَهَا في دَارِهَا. قالَ: فَرَأَيْتُهَا عَمْيَاءَ تَلْتَمِسُ الجُدُرَ تَقُولُ: أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعِيدِ بنِ زَيْدٍ، فَبيْنَما هي تَمْشِي في الدَّارِ مَرَّتْ علَى بئْرٍ في الدَّارِ، فَوَقَعَتْ فِيهَا، فَكَانَتْ قَبْرَهَا).
إقرأ أيضا:ما هي مهنة عبد الرحمن بن عوفوفاة الصحابي سعيد بن زيد
توفي -رضي الله عنه- في العقيق سنة إحدى وخمسين، وقيل سنة اثنتين وخمسين، وكان عمره بضعةً وسبعين عاماً، وقد غسّله سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-، ودفن في المدينة المنورة، ودخل في قبره سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-