تعرّض النّبي عليه الصّلاة والسّلام إلى الإيذاء من قبل قومه في سبيل أن يعود عن دعوته، فما زادته تلك المحاولات إلاّ ثباتًا ولم توهن من عزائمه بل بقي صابرًا محتسبًا لأنّه يعلم علم اليقين أنّه سوف يأت يومٌ يعزّ فيه الدّين وتعلو فيه كلمة الله. جاءت الملائكة إلى النّبي مرارًا تخيّره في أن يُطبّق الله الأخشبين على الكفّار فيقول بلسان النّبي المتسامح الرّحيم عسى الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئًا، وقد كان ذلك عندما خرج من أصلاب الكفّار خيار المسلمين.
إيذاء الكفّار للنّبي عليه الصّلاة والسّلام
كان ممّن شارك في إيذاء النّبي عليه الصّلاة والسّلام والمسلمين عمّ النّبي الذي كان يعرف بأبي لهب، وقد كان من أشدّ الكفّار على الدّعوة الإسلاميّة؛ حيث لم يراع إلاّ ولا ذمّة ولم يحفظ قرابته من النّبي الكريم، وعندما حاصر الكفّار بني هاشم في شعاب مكّة لم يكن أبو لهب من ضمن من حوصروا لقربه من زعامات قريش الكافرة، وقد كانت زوجة أبو لهب وتُدعى أمّ جميل واسمها أروى بنت حرب بن أميّة من الذين اشتهروا بإيذاء النّبي والمسلمين، بل إنّها خرجت يومًا تريد إيذاء النّبي بسكّين كانت تحملها، فوجدت أبا بكر الصّديق فقالت له أين صاحبك الذي قيل إنّه يهجوني، فشاء الله سبحانه أن يعمي أبصارها عن رؤية النّبي الكريم فلم تره ومضت في سبيلها.
حرّضت زوجة أبو لهب ابنيها عتبة وعتيبة على فراق ابنتي الرّسول عليه الصّلاة والسّلام عندما نزلت آيات سورة المسد؛ بل وقام ابنها عتيبة بسبّ النّبي وإيذائه وإسماعه ما لا يليق، فدعا عليه النّبي عليه الصّلاة والسّلام بقوله اللّهم سلّط عليه كلبًا من كلابك، فخرج مع أبوه إلى الشّام ليقوم أسدٌ بافتراسه استجابةً لدعوة النّبي الكريم .
إقرأ أيضا:متى نزلت سورة النورسبب نزول سورة المسد
في يومٍ من أيّام الدّعوة الإسلاميّة خرج النّبي عليه الصّلاة والسّلام وصعد على الصّفا ليبلّغ قومه وعشيرته الأقربين، وقد نادى النّبي في قريش حتّى تجتمع له، وقد اجتمع له معظم أعيان قريش ومن لم يستطع أرسل رسولًا، وعندما تجمّع الرّهط أمام رسول الله خطب فيهم قائلًا، يا معشر قريش أرأيتم إن أخبرتكم أنّ عدوًّا مصبّحكم أو ممسّيكم، أأنتم مصدّقي، قالوا نعم وما أنت بمكذّب، فقال : فإنّي نذيرٌ لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب تبّا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا، فأنزل الله تعالى فيه وفي زوجه آيات سورة المسد، قال تعالى (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وتَب * ما أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ)، صدق الله العظيم
إقرأ أيضا:طريقة حفظ سورة البقرة