الإنسان إبن ٌ لهذه الأرض ، من ترابها نشأ و فوقها عاش و فيها تغـَذى ، و في قولهِ تـَعالى } وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا {، و المقصود بذلك أن كل عنصر في جسم الإنسان له نظيره في عناصر الأرض.
{ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً } صدق الله العظيم
خلق الله الإنسان ليعيش في هذه الأرض و يمشي في مناكبها ، استنادا ً إلى لآية الكريمة السابقة نستنتج أن وظيفة الإنسان على هذا الكوكب قد حددت قبل خلق الله لسيدنا آدم عليه السلام. و عند سؤال الملائكة عن سبب وجود مخلوق في الأرض يسفك الدماء ، و يعيثُ فيها الفساد و الدمار ، قال لهم جل و علا ) إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) .
فقد ميز الله الإنسان بعقله عن باقي مخلوقاته مع أنه أضعفهم كما قال تعالى في الآية الكريمة (و خُلق الإنسان ضعيفا) ،و جعل في تكوينه العضلي و العصبي معين له للإكتشاف و للإختراع و السيطرة على الطبيعة ، بالإضافة إلى الطاقة و الموهبة التي وهبه إياها سبحانه للعمل و بذل الجهد مبتعدا ًعن البطالة و الفراغ .
و بحسب الإتجاهات الفكرية المختلفة إرتأت جميعها إلى أن لوظيفة الإنسان إتجاهين رئيسيين :
إقرأ أيضا:شروط التوبة- الإتجاه المدني: حيث يرتكز هذا الإتجاه على وظيفة العمارة أي إنماء الأرض و إستغلال كنوزه و ثرواته و الإنتفاع بجميع مخلوقات الأرض مما هو مأذون للإنسان بل و مشروع له . ومع مرور الأزمان تعلم و إكتشف و أخترع الإنسان أصول الحراثة و الزراعة وغيرها من المهن التي من شأنها إزدهار و تطور هذا الإعمار وتعارف الشعوب و القبائل على بعضها البعض .
- الإتجاه الشرعي :ويرتكز هذا الإتجاه على العبودية ، أي أن الله خلق الإنسان و أرسل الرسل و الأنبياء ، و أنزل الكتب السماوية لتعليم الناس كيفية عبادة الله و أداء جميع الفروض و بيان كل ما ينبغي و ما لا ينبغي في معاملته جل و علا .فالعمارة و الحضارة المدنية مجرد وسيلة لإظهار الدين و إقامة شعائر الله فلا يـُحْـمَد من هذه المدنية كلها إلا ما حقق هذه الغاية .
ونتبين من القول الآتي :”إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ” ، كل ما للإنسان و ما عليه لتكون حياتنا أسهل ، حياة مليئة و عامرة بالخير و الإيجابيات و البناء الإيماني و الدنيوي
إقرأ أيضا:وسائل الثبات على دين الله