حكم من ذهب إلى ساحر
بعد الرجوع إلى أقوال أهل العلم في هذه المسألة؛ تبيّن أنّ لهم في ذلك تفصيل بحسب حال المسلم الذاهب إلى السحرة، إن كان مصّدقاً أو لا؛ وذلك على النحو الآتي:
الكفر والشرك
وذلك في حال التصديق بهذا السّحر، وبقدرة هذا الساحر؛ لصريح قوله -صلى الله عليه وسلم-: (من أتى كاهِنًا فصدَّقَهُ بما يقولُ؛ فقد برئَ ممَّا أنزلَ اللَّهُ على محمَّدٍ)، وفي رواية أخرى: (مَن أَتَّى عَرَّافًا أو ساحرًا أو كاهِنًا، فسأله فصَدَّقَه بما يقولُ؛ فقد كفر بما أُنْزِلَ على مُحَمَّدٍ)، والسبب بإدخال السحر في جملة الشرك والكفر يكون لأمرين؛ وهما:
- استخدام الشياطين، والتودّد إليهم بما يحبون لتقديم الخدمة المطلوبة؛ مما يؤدي للتعلّق بهم.
- ادّعاء علم الغيب الذي اختصّ به الله -سبحانه- وحده؛ فيكون ذلك إشراك غير الله معه في علمه -وتعالى عن ذلك علواً كبيراً-، مع سلوك الطرق المؤدّية إلى ذلك، وبهذا يكون السحر من طرق الكفر والشرك.
عدم قبول الصلاة لأربعين يوماً
وهذا في حقّ من جاء الساحر أو تعامل معه عالماً بما يقوم به من الشعوذة والسحر، لكنّه غير مصدّق لما يقول؛ لما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (مَن أتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عن شيءٍ، لَمْ تُقْبَلْ له صَلاةٌ أرْبَعِينَ لَيْلَةً).
إقرأ أيضا:حكم لعب الدومينواقرأ ايضا : حكم اتيان الكهان
الخروج عن طريق الإسلام الصحيح
إذ لا يكون من المتبعين للدّين الإسلامي القويم، ولا العاملين بملّة الإسلام الحقّة؛ وهذا في حق من جاء السحرة والكهنة، سواء ليَسحر أو يُسحر؛ حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: (ليس مِنَّا مَن تَطَيَّرَ أو تُطُيِّرَ له، أو تَكَهَّنَ أو تُكُهِّنَ له، أو سَحَرَ أو سُحِرَ له، ومَن عقد عقدةً).
حكم إتيان السحرة لفك السحر بالسحر
وهذا ما يُسمّى بالنّشرة؛ أيّ الزوال والكشف، وهو من أعمال الجاهلية يُلحق بالسحر في التحريم إذا كان يعتمد على الشعوذة والأباطيل؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- عندما سُئل عن النّشرة: (هو من عملِ الشيطانِ)، ويلحق بذلك أيضاً قراءة الكف، والنظر في الفنجان؛ فهذه الأعمال كلّها محرّمة من قبيل السحر والشرك.
وينبغي التنبيه إلى أنّ الرقى والتعويذات الشرعيّة المأثورة فيها ما يُغني المسلم عن كل ذلك، أمّا من ذهب إلى السحرة دون معرفة حقيقتهم فعليه التوبة والاستغفار من ذلك، وعدم العودة إلى مثل هذه الأمور.
حكم الساحر من المسلمين
عدّ أكثر أهل العلم الساحرَ الذي يتعلّم السحر ويعمل به من المسلمين مرتداً عن دينه؛ وذلك إذا كان السحر مما كفّر الله -سبحانه- من يتعلّمه، أو ثبت أن يكون هذا السحر قد اشتمل على الكفر سواء بالقول أو الفعل، وحدّ هذا الساحر هو القتل مرتدّاً؛ أيّ أنّه استحق بالسحر حكم الكفر؛ لذا يُقتل إن لم يتب عن فعله؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ).
إقرأ أيضا:ما حكم رش الملح في الحمامأمّا إن كان سحره لا يصل به حدّ الكفر؛ كأن يتعامل بعقاقير أو تباخير تُؤثر بالأبدان، أو كان يعتمد بسحره على بعض الحقائق التي تضرّ بالنفوس؛ فهذا على رأي أكثر أهل العلم يُقتل حدّاً؛ سواء أقتل بسحره هذا أحداً من النّاس أم لم يقتل، وفي قول عند بعض العلماء يُقتل قصاصاً إذا تسبب بموت أحدٍ من الناس بسحره.