أحكام شرعية

حكم صلاة العيد

صلاة العيد يحتفل المسلمون في العام بعيدين سنويّين، هما: عيد الفطر وعيد الأضحى المباركان، وقد جعل الله سبحانه وتعالى أعياد المسلمين مقرونةً بفرائض يؤدّيها المسلمون مرةً في السنة، فعيد الفطر يقترن بصيام المسلمين لشهر رمضان المبارك، وعيد الأضحى المبارك يقترن بأداء فريضة الحج، وهاتان الفريضتان هما من الفرائض الخمسة التي أوجبها الله -سبحانه وتعالى- على من آمن به واتَّبع دينه، وفي هذين العيدين لا يتوقّف المسلم عن عبادة الله، فمع أنّ العيد فرحةٌ للمسلمين وتفريجٌ لهم وترويحٌ لقلوبهم؛ إلّا أنّه لا يعني التَّنصُّل من أوامر الله وارتكاب نواهيه، فيبدأ العيد عادةً بطاعة ليعلم الناس أنّ الطاعة مقرونةٌ بفرح المسلم وحزنه لا ينفكُّ عنها ولا تنفكُّ عنه، أما الطاعة التي يبتدئ المسلم بها عيده فهي صلاة العيد، فما حكم صلاة العيد؟ وما هي كيفيتها؟ وعلى من تجب وعلى من لا تجب؟ التعريف بصلاة العيد الصلاة لُغةً: الدُّعاءُ، وهي مصدر صلَّى صلاةً فهو مُصلٍِّ، والصَّلاَةُ هي تلك العبادةُ المخصوصة لها أَوقات وأحوال تؤدّى بها في الشريعة.[١] الصلاة في الاصطلاح: تعني الصلاة في الاصطلاح الفقهي أداء عبادة خاصة بكيفية وهيئات وأقوال وأفعال خاصة؛ بحيث تكون تلك العبادة مبدوءةً بالتكبير وتُختتَم بالتسليم.[٢] العيد في اللغة: مصدر عَيَدَ، وجمعه أَعياد، ويعني العيد ما يعود على المرء من هموم أو أمراض أو أفراح وأشواق وغير ذلك، والعِيدُ كذلك: هو كلُّ يوم يتمُّ الاحتفال فيه بذكرى عزيزة أو حادثة دينيَّة أو غير ذلك، أما عيد الميلاد: فهو ذكرى مولد نبي الله عيسى المسيح عليه السَّلام.[٣] العيد اصطلاحاً: جمع أعياد، وهو اليوم الذي فيه يجري الاحتفال بذكرى سارَّة أو واقعةٍ دينية لها قيمةٌ جليلة عند أصحابها، أو هو إعادة الاحتفال بذكرى مُبهِجَة مرت سابقاً، والعيدان هما: الفطر والأضحى، والمسلمون لهم ثلاثة أعياد فقط، هي: عيد الفطر ويأتي بعد صيام رمضان، وعيد الأضحى ويأتي بعد أداء فريضة الحج، ويوم الجمعة وفيه اجتماع المسلمين في مساجد الله للصلاة جماعةً.[٤] حكم صلاة العيد اختلف الفقهاء في حكم صلاة العيدين الفطر والأضحى؛ وذلك على عدة أقوالٍ بيانها في ما يلي:[٥] رأي الحنفية: يرى فقهاء المذهب الحنفي أنّ صلاة العيدين تجب على من تجب عليه صلاة الجمعة بشرائطها؛ وذلك في الصحيح عندهم، ويستوي بذلك ما إن كانت تلك تتعلّق بشرائط الوجوب أو شرائط الصحة، ويُستثنَى من تلك الشرائط (شرائط الصحة) الخُطبة، فالخُطبة في الجمعة تختلف عنها في العيدين؛ حيث تكون في الجمعة قبل الصلاة وتكون في العيدين بعدها، ويُستثنَى كذلك عدد الجماعة الذين يجب توفرهم لصحة الصلاة، ففي صلاة العيدين تتحقّق الجماعة بواحدٍ غير الإمام، أما في صلاة الجمعة فيُشترط غير ذلك، والجماعة كذلك تجب في صلاة العيد ويؤثم بتركها، فلا ينبغي للرجل الصلاة منفرداً في العيدين، أما في الجمعة فلا تصحّ الصلاة إلا بالجماعة. رأي المالكية: يرى المالكية أنّ صلاة العيدين سُنّةٌ مؤكدة، وتلي في التأكيد صلاة الوتر، ويُكلَّف بصلاة العيدين ويُخاطب بها من تجب عليه صلاة الجمعة؛ بشرط أن تُصلّى في جماعة مع الإمام، وهي مندوبةٌ لمن فاتته صلاة العيد جماعةً مع الإمام، كما تُعتبَر مندوبةً لمن لا تجب عليه صلاة الجمعة، كالعبيد والصغار من الصبيان، ويُستثنَى منها كذلك الحجاج، فلا تُطلَب منه ولا يُكلّف بالقيام بها لحصول وقوفه بالمشعر الحرام، وهو ما يقوم مقامها، وتُندَب لأهل منى إن لم يكونوا من الحجاج، ويؤدونها فرادى لا جماعات حتى لا يؤدي ذلك إلى اجتماع الحجاج واشتراكهم معهم فيها. رأي الشافعية: ذهب الشافعية إلى ما ذهب إليه المالكية في حكم صلاة العيدين؛ حيث يرون أنّها سنةٌ مؤكدة، غير أنهم يرون أنّها تُطلب من كلّ من تجب عليه الصلاة عموماً، كما يرون أنّها تُسنّ لغير الحاج جماعةً لا منفردين، وتُسنُّ للحجاج فرادى غير مجتمعين أو جماعات. رأي الحنابلة: يرى الحنابلة أنّ صلاة العيد فرضٌ على الكفاية، وتُطلَب من كلّ من تجب عليه صلاة الجمعة، وتُقام صلاة العيد في موضع إقامة صلاة الجمعة باستثناء الخطبة؛ حيث يرون أنّها في العيد سُنّة، بخلافها في الجمعة، حيث يرونها أنّها شرط، كما يرون أنّ صلاة العيد قد تكون سُنّة لمن فاته أداؤها مع الإمام، فيُسنُّ له أن يؤدّيها في أي وقتٍ من أوقات الليل أو النهار شاء. صفة صلاة العيد لكل صاحب مذهبٍ من المذاهب الفقهية المعتبرة نظرةٌ مختلفة للصفة التي عليها صلاة العيد، وبيان ذلك في ما يلي:[٦] صفة صلاة العيد عند الحنفية: ينوي المسلم أداء صلاة العيد بقلبه ويتلفّظ بها بلسانه، ثم يكبِّر تكبيرة الإحرام، ثم يفتتح الصلاة واضعاً يديه تحت سرّته، ويقرأ دعاء الاستفتاح، بعد ذلك يُكبِّر الإمام ثلاث تكبيرات دون تكبيرة الإحرام ودون تكبيرة والركوع، ويرفع يديه لكل تكبيرة، ويسكُت برهةً بين التكبيرة والأخرى، ولا يُسنّ أثناء سكوته ذكرٌ له أو لغيره من المقتدين به، لكن إن قال: (سبحان الله، والحمد لله ولا إله إلا الله، والله أكبر)، فلا بأس بذلك، ثم يتعوّذ الإمام سرّاً، ويجهر بالفاتحة وسورة بعدها؛ ومن السنّة أن يقرأ بعد الفاتحة في الركعة الأولى سورة الأعلى، ثم يركع ويسجد، وفي الثانية يبدأ بالبسملة، ثم بالفاتحة، ثم يقرأ سورةً بعدها، ومن السُّنّة أن تكون تلك السورة سورة الغاشية، ثم يكبِّر ثلاث تكبيرات دون تكبيرة الركوع كما فعل في الأولى، ويُتمّ صلاته، ويجوز له أن يقدِّم التكبيرات في الثانية قبل القراءة. صفة صلاة العيد عند المالكية: يُصلّي ركعتين كالنافلة؛ إلّا أنّه يزيد عليها بعد تكبيرة الإحرام وقبل الفاتحة ست تكبيرات، ويزيد في الركعة الثانية بعد تكبيرة القيام خمس تكبيرات، ويُندَب تقديم التكبير على القراءة، فلو أخّره عن القراءة جاز ذلك؛ إلّا أنّه يكون قد خالف المندوب، ويُشرَع بعد أن يقرأ الفاتحة أن يقرأ سورة الأعلى أو سورة نحوها، ويقرأ في الثانية سورة الشمس أو سورة نحوها. صفة صلاة العيد عند الشافعية: هي ركعتان كغيرها من الصلوات النافلة، وتختلف عن النافلة بالتكبيرات؛ إذ إنّه بعد تكبيرة الإحرام وقراءة دعاء الاستفتاح يُكبِّر سبع تكبيرات، يرفع يديه حذو منكبيه في كل تكبيرة منهن، ويُفصَل بين كل تكبيرتين منهن بقدر آية، ويقول سرّاً: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)، وخلالهما وأثناء القراءة يضع يده اليمنى على اليسرى تحت صدره، وفي الركعة الثانية يكبِّر بعد تكبيرة القيام خمس تكبيرات يفعل فيهن ما فعل في الأولى، فلو بدأ بالقراءة ولو ناسياً، فلا يجوز له أن يأتي بالتكبيرات، وتكون القراءة في صلاة العيدين جهراً للإمام أو المنفرد، أما التكبير فيجهر فيه الإمام والمأموم إن شاء، ويقرأ في الأولى بعد الفاتحة سورة “ق” أو سورة “الأعلى” أو سورة “الكافرون”، وفي الركعة الثانية يقرأ سورة “القمر” أو سورة “الإخلاص”. صفة صلاة العيد عند الحنابلة: ينوي من أراد صلاة العيد صلاة ركعتين فرضاً على الكفاية، ثم يقرأ بعد تكبيرة الإحرام دعاء الاستفتاح، ثم يُكبّر ست تكبيرات دون تكبيرة الإحرام يرفع فيهن يديه مع كل تكبيرة، ويقول بينهن: (الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، وصلى الله على النبي وآله وسلم تسليماً)، وذلك من باب الندب لا الوجوب، ثم يستعيذ ويبسمل ويقرأ سورة الفاتحة وسورة الأعلى، ثم يتم الركعة، ويقوم للثانية فيكبر خمس تكبيرات ليست منهن تكبيرة القيام، ويقرأ بعدهن سورة الفاتحة وسورة الغاشية ثم يتم صلاته. المراجع ↑ “معنى الصلاة”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 16-10-2017. بتصرّف. ↑ “الصلاة”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 16-10-2017. بتصرّف. ↑ “معنى عيد”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 16-10-2017. بتصرّف. ↑ د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني، صلاة العيدين في ضوء الكتاب والسنة، السعودية: مطبعة سفير، صفحة 6. بتصرّف. ↑ عبد الرحمن الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية ، صفحة 313، جزء 1. بتصرّف. ↑ عبد الرحمن الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية ، صفحة 314-316، جزء 1. بتصرّف.

إقرأ أيضا:حكم اكل لحم الحمار

 

السابق
حكم ترك الصلاة
التالي
هل الرسم حرام