زينة المرأة المسلمة
عندما تحدّثت الشريعة الإسلاميّة عمّا يخصُّ زينة المرأة، راعت في ذلك عدّة جوانب رئيسةٍ، أهمّها ألّا يكون في تلك الزّينة ضررٌ مُتحقِّقٌ على المرأة من الموادّ المُستخدَمة؛ بحيث تؤدّي إلى إصابتها بالأمراض مستقبلاً، حتّى ولو كان ذلك مجرّد احتمال، وكان من الجوانب التي راعتها الشّريعة الإسلاميّة في زينة المرأة ألّا تكون ظاهرةً للأجانب من الرّجال، وأن تكون وفق ما أباحت الشّريعة إظهاره، فإن تزيّنت امرأةٌ بما يُخالف تلك الأمور كانت قد ارتكبت محظوراً، وعصت الله ورسوله، ومن الأمور المطروحة في هذه الأيّام من زينة النّساء ما يختصُّ بتركيب الأظافر، الذي يكون القصد منه إظهارها بشكل أجمل، وبحجمٍ أكبر ممّا هي عليه من باب التزيُّن، فهل تركيب الأظافر جائزٌ شرعاً، أم أنّه مُحرَّمٌ لا يجب فعله، أم يوجد لتركيب الأظافر ضوابط وأمور وأحوال تجعله حيناً مُحرَّماً، وحيناً مُباحاً؟ هذا ما ستبحثه هذه المقالة بعد توفيق الله.
حُكم تركيب الأظافر
لا يخرج تركيب الأظافر عن إحدى حالتين؛ لكلٍّ منهما حُكمها حسب تأصيلها الشرعيّ، وفيما يأتي بيان كلّ حالةٍ وحُكمها:
- الحالة الأولى: أن يكون سبب تركيب الأظافر ووضعها عائداً لأمرٍ ضروريٍّ لازمٍ، كأن يقلَعَ الذي يُركّب الأظافر بعضَ أظافره؛ بسبب إصابته بمرض، ما أدّى إلى نزعها أو نزع شيءٍ منها أو تشويهها، أو تكون أظافره قد اقتُلِعت نتيجة نقص الكِلس عنده، أو أُصيب بحادثٍ غيّر شكلها أو نزع شيئاً منها، مثل: الحرق، أو غير ذلك، ممّا جعله بحاجة زراعة أو وضع أظفر أو أظافر صناعيّة بدلاً من التي أزالها أو التي أُزيلت، فمثل ذلك لا حرجَ فيه ولا حُرمة؛ لأنّ الغاية والهدف الأوّل من تركيب الأظافر هو التّداوي وليس التزيُّن والتجمُّل، وقد روى أبو داود والترمذيّ وغيرهما عن عرفجة بن أسعد -رضي الله عنه- قال: (أُصِيبَ أنفِي يومَ الكِلابِ في الجاهليّةِ، فاتخذتُ أنفاً من ورِقِ فأنتنَ عليّ، فأمرنِي رسولُ اللهِ -صلّى الله عليه وسلّم- أن أتّخذ أنفاً من ذهبٍ).
- ولا ينبغي لمَن يكون ذلك حاله فيركّب أظافر صناعيّةً لعذرٍ أو سبب شرعيّ أن تكون تلك الأظافر طويلةً أو كبيرةً؛ بحيث تُغطّي مُقدّمة أصابعه، التي لم تكن أظافره الطبيعيّة تُغطّيها، وبهذا لا تكون تغطيتها كتغطية الأظافر الطبيعيّة، ممّا يؤدّي إلى منع وصول الماء إلى الجلد وقت الوضوء أو الغسل، فإذا أمكن له تحريكها وإزالتها دون ضررٍ أو مشقّةٍ زائدةٍ عليه وجب ذلك حتّى يصحَّ الوضوء، كما يجب ألّا يتنافى شكل الأظافر وحجمها مع خِصال الفِطرة، وأن تكون مصنوعةً من شيءٍ طاهرٍ في أصله، ويواظب على نظافتها وإبقائها طاهرةً مقبولةً شكلاً، كما هو الحال مع أظافره الحقيقيّة.
- الحالة الثّانية: أن يكون الهدف من تركيب الأظافر الصناعيّة مُجرّد التزيُّن، فتُتّخَذ الأظافر زينةً تماماً مثل الرّموش الصناعيّة، والهدف منها أن تظهر الأظافر بشكلٍ أجمل، وصورةٍ أبهى، وألوان وأشكال فريدة؛ حتّى تلفت مَن ينظر إليها، فهذا مُحرَّمٌ قطعاً؛ لأنّ فيه تغييراً لخَلق الله، وقد حرَّمت الشّريعة الإسلاميّة الوَشم، والنّمص، والتفلُّج، ووَصل الشّعر؛ لأجل هذه العِلّة التي هي تغيير خَلْق الله، فإن كانت الغاية من تركيب الأظافر مُجرّد التزيُّن كان ذلك من تغيير خلق الله المُحرَّم الذي نهت عنه الشريعة الإسلاميّة في العديد من النّصوص، ومن تلك النّصوص ما رواه ابن مسعود -رضي الله عنه- حيث قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لعن اللهُ الواشماتِ والمستوشماتِ، والنّامصاتِ والمُتنمِّصاتِ، والمُتفلِّجاتِ للحُسْنِ، المغيِّراتِ خلقَ اللهِ…)، فينبغي على المرأة المُسلمة الامتثال لأوامر الله تعالى؛ إعمالاً لقوله سُبحانه وتعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).
- أمّا دليل النّهي عن تركيب الأظافر؛ لِما فيه من تغييرٍ لخلق الله قياساً على الوَصل، والوَشم، والتّفلج، فمردّه إلى قول الله -سبحانه وتعالى- في سورة النّساء: (إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا*لَّعَنَهُ اللَّهُ*وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا*وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا)،
حُكم تطويل الأظافر
خلافاً لموضوع المقالة فإنّ من المواضيع المُهمّة للمرأة المسلمة ما يتعلّق بتطويل الأظافر وتزيينها؛ بهدف الحصول على شكلٍ مُميّزٍ لها، فهل تطويل الأظافر للمرأة جائزٌ؛ سواء كان بقصد الزّينة أم بقصدٍ آخر؟ سيأتي بيان ذلك فيما يأتي:
إقرأ أيضا:حكم صلاة الجمعة- يرى فُقهاء الأُمّة جميعها أنّ تقليم الأظافر والاعتناء بها من السُّنَن، بل هي من سُنَن الفِطرة العشرة التي ينبغي الاهتمام بها كما أرشد إلى ذلك النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حيث قال: (عشرٌ من الفِطرةِ: قصُّ الشَّاربِ، وإعفاءُ اللِّحيةِ، والسِّواكُ، واستنشاقُ الماءِ، وقصُّ الأظفارِ، وغسلُ البراجمِ، ونتفُ الإبطِ، وحلْقُ العانةِ، وانتقاصُ الماءِ، قال زكريَّاءُ: قال مصعبٌ: ونسيتُ العاشرةَ، إلَّا أن تكونَ المَضمَضةَ، زاد قُتيبةُ: قال وكيعٌ: انتقاصُ الماءِ يعني الاستنجاءَ)، لذلك فإنّ تقليم الأظافر والاعتناء بها من مظاهر الاقتِداء بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وامتثال أوامره.
- في إزالة الأظافر تمامٌ للجمال، وإظهارٌ للنّظافة، واعتناء بالنّفس، أمّا تطويلها فيؤدّي إلى تراكم القاذورات والأوساخ فيها، ممّا يجعلها مكاناً للعدوى والأمراض والأوبئة، وسبباً في انتشار الجراثيم وتزايُدها.
- يدخل تطويل الأظافر في باب التشبُّه بالكافرات، وهو ما نُهِي عنه شرعاً في عدّة نصوصٍ وأحاديثَ نبويّةٍ