اهتمّت الشريعة الإسلاميَّة بالوقت، وأمرت باغتنامه بالنافع المفيد، وحثّت على تنظيمه، وحذّرت من إضاعته وإهداره في ما لا فائدة منه، وقد وردت أحاديث نبويَّةٌ عديدةٌ عن الوقت وأهمّيته وضرورة اغتنامه، وفيما يأتي ذكرٌ لجملةٍ من هذه الأحاديث.
أحاديث النبي عن الوقت
وردت عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أحاديث عديدةٌ تحثّ المسلم على اغتنام وقته واستثماره بما ينفعه في دنياه وآخرته، قبل أن ينقضي عمره ويحين أجله، ومن هذه الأحاديث ما يأتي.
“اغتنم خمسًا قبل خمس”
روى عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (اغْتَنِمْ خَمْسًا قبلَ خَمْسٍ: شَبابَكَ قبلَ هِرَمِكَ، وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ، وغِناكَ قبلَ فَقْرِكَ، وفَرَاغَكَ قبلَ شُغْلِكَ، وحَياتَكَ قبلَ مَوْتِكَ)؛ففي هذا الحديث يحث النبيّ المسلم أن يستثمر خمسة أحوالٍ يكون فيها في أفضل حالٍ للعمل وكسب خيري الدنيا والآخرة، قبل أن تُستبدل هذه الأحوال بخلافها؛ فعلى المسلم أن يستثمر شبابه قبل كِبره وعجزه، وصحّته الجسديَّة قبل مرضه، وغناه وما يملك من رزق في وجوه الخير؛ كالصدقة، قبل أن يذهب هذا الرزق ويفتقر، كما حثّ على استثمار وقت الفراغ والسعة في العمل النافع في الدنيا والآخرة قبل أن يعرض للإنسان من المشاغل ما تُلهيه، وأن يستثمر حياته كلّها ولا يضيّعها قبل أن يحلّ الموت فجأةً وينقضي أجله.
إقرأ أيضا:أحاديث وضع اليدين في الصلاةالوقت مّما سيسأل عنه الإنسان
نبّه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّ الإنسان سيسأل ويحاسب يوم القيامة عن وقته وعمره؛ كيف قضاه؟ وفيما وأمضاه؟ وذلك في الحديث الذي رواه أبو برزة الأسلمي -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (لا تزول قدما عبدٍ حتى يُسألَ عن عمُرهِ فيما أفناهُ، وعن علمِه فيما فعل، وعن مالِه من أين اكتسَبه وفيما أنفقَه، وعن جسمِه فيما أبلاهُ).
الوقت نعمةٌ
أكّد النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّ امتلاك الإنسان للوقت والفراغ الذي يمكّنه من العمل والسعي والتقرّب إلى الله -تعالى- بالطاعات والقُربات؛ هو نعمةٌ من أعظم النِّعم التي يمتلكها الإنسان، كما جاء في صحيح البخاري عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (نِعْمَتانِ مَغْبُونٌ فِيهِما كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفَراغُ)؛ومغبونٌ أي خسران، ويقصد النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّ من امتلك نعمتي الصحة؛ فكان سليمًا معافى، وامتلك الوقت؛ فلم يكن الإنسان مشغولًا بمشاغل الحياة وهمومها، ولم يستثمر هاتين النعمتين في الطاعات والقربات وأعمال الخير؛ فهو خاسرٌ.
اغتنام الفرص قبل فقدها
حثّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في مواطن كثيرةٍ على اغتنام المسلم للفرص، والقيام بالخيرات متى أمكنه ذلك وقدر؛ لأنّ الأحوال تتبدّل، وقد لا تدوم له الفرصة والقدرة على فعل الخير، ومن ذلك حثّه على الصدقة في الوقت الذي يملك فيه المسلم المال قبل أن يأتي عليه وقتٌ لا يقدر فيه على ذلك، كما روى عنه جرير بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّه قال: (تصدَّقوا قبل أن لا تَصَدَّقوا، تصدَّق رجلٌ من دِيناره، تصدَّق رجلٌ من درهمِه، تصدَّق رجلٌ من بُرِّه، تصدَّق رجلٌ من تمرِه، من شعيرِه، لا تحقِرنَّ شيئًا من الصدقةِ، ولو بشِقِّ تمرةٍ).
إقرأ أيضا:حديث عن اكل الميراث