تأملات قرأنية

تفسير قصة أهل الكهف

قصص القرآن الكريم

في كلّ زمنٍ من الأزمان، وفي كلّ سنةٍ من السّنين ترى الثّلة المؤمنة التي تمسّكت بدينها ونافحت عن عقيدتها، فقد ذكر القرآن الكريم قصّة من أروع القصص وهي قصّة أهل الكهف؛ الذين ظلّوا نائمين في كهفهم مدّة ثلاثمائة سنة وتسعة أيّام، فكانوا عبرة وآية من آيات الله تعالى، فما هي قصّة هؤلاء الفتية ؟ وماهي مناسبة ذهابهم إلى الكهف؟ وماذا حصل لهم فيه ؟

قصة أهل الكهف

يحكى أنّ ملكاً اسمه دقيانوس كان يحكم مدينة تسمى أفسوس تقع في نواحي تركيا، وقد كان هذا الملك جبارًا، يبطش بالنّاس ويحملهم على معتقداته الباطلة، فقد استهوت هذا الملك فكرة عبادة الأصنام من دون الله تعالى، على الرّغم من أنّ كثيرًا من قومه ورعاياه كانوا يدينون بدين عيسى -عليه السّلام- وتعاليمه.

وقد اتخذ هذا الملك الظّالم مع قومه أساليب غاية في البشاعة، فقد كان يجبر رعاياه على اعتناق المعتقد الذي زعم صحّته، مهدّداً من يمتنع عن ذلك بالقتل والتّحريق، وقد رأت ثلّة من الفتية المؤمنين أن تهاجر إلى الله تعالى بدينها، فراراً من هذا الظّلم ولتحفظ عليها معتقدها، فقرّر هؤلاء الفتية أن يتخذوا موضعاً بعيداً عن مدينتهم حتّى يرابطوا فيه، لعلّ الله يحدث بعد ذلك أمرًا، وقد وقع اختيارهم على كهفٍ ليكون لهم المقام والمنزل حتى حين .

إقرأ أيضا:كم عدد السجدات في القرآن الكريم مع ذكرها

وفي هذا الكهف حدثت الآيات الرّبانيّة وتجلّت، فقد ضرب الله سبحانه وتعالى على آذان هؤلاء الفتية فناموا في الكهف ثلاثمائة سنة وتسعة أيام، وقد كانوا في نومهم عجباً، ولو نظر إليهم الإنسان لولّى هرباً، فقد كانت أعينهم مفتوحة وهم راقدون، ويتقلّبون كما يتقلّب النّائم في منامه، حتّى يحفظ الله أجسادهم من التّحلل .

و بعث الله سبحانه وتعالى هؤلاء الفتية من نومهم الطّويل، وقد ظنّ هؤلاء الفتية أنّهم ناموا يوماً أو بعض يوم، وانتدبوا واحداً منهم ليشتري لهم طعامًا من السّوق، فذهب هذا الفتى ودخل المدينة ليجد العهد بالنّاس ليس كما سبق، فمعتقد النّاس ومعتقد الحاكم عاد صحيحاً على منهاج الله تعالى كما كان، ففرح الفتى وعاد إلى قومه ليبشّرهم بذلك، وقد فرح الفتية بهذا الخبر، ثمّ شاء الله سبحانه وتعالى أن يتوفّاهم في الكهف نفسه ليعلم النّاس بما جرى لهم، وقد قرّر القوم أن يتخذوا على قبرهم مسجداً .

إقرأ أيضا:أهمية سورة البقرة

وهكذا كانت قصة أهل الكهف آية من عند الله حيث يحيي الخلق ويميتهم، ويغيّر أحوال النّاس ويقلّبها كما يشاء، فلا يأس من تغيير حالنا وإن كان شديد الظّلمة، فبعد الفجر نور وضياء .

السابق
ما الفرق بين المكي والمدني من حيث التعريف
التالي
خواص سورة البقرة