تأملات قرأنية

تجويد مخارج الحروف

تجويد القرآن الكريم

إنّ من أعظم القُربات التي يتقرّب بها المسلم إلى ربه -سبحانه- أن يتعلّم القرآن الكريم تلاوةً وفهماً، حيث حثّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على تعلّم القرآن الكريم في كثيرٍ من الأحاديث الشريفة، منها: (اقْرَؤوا القرآنَ، فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعاً لأصحابه)، وقد ذكر الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ درجة الماهر بالقرآن وهو يتلوه مع الملائكة الكرام البررة؛ لرفع الله -تعالى- منزلته، ولكي يبلغ المسلم هذه الدرجة الرفيعة من الأجر والثواب فإنّ عليه أن يتعلّم القراءة الصّحيحة التي أُنزلت على الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فقرأ بها، وأقرأها لأصحابه، وهذا لا يكون إلا بالتلقّي والمشافهة من أهل العلم والاختصاص؛ لأنّه الأصل في علم التجويد، والتجويد هو إجادة القراءة وتحسين الأداء، وإعطاء الحروف والكلمات حقّها، وحفظ اللسان عن الخطأ خلال التلاوة، فهو علم يبحث في الكلمة القرآنية، وحروفها، وكيفيّة إخراجها على أتمّ وجه.

مخارج الحروف

عرّف العلماء كلمتي المخرج والحرف لغةً واصطلاحاً؛ وبيان ذلك على النحو الآتي:

تعريف مخارج الحروف

  • تعريف المخرج لغةً: هو اسم المفعول من الفعل أخرج؛ وهو مكان خروج الشيء.
  • تعريف المخرج اصطلاحاً: هو المكان الذي يخرج منه الحرف، وينقطع عنده صوت النطق به، فيتميّز به عن غيره من الحروف.
  • تعريف الحرف لغةً: هو الطرف والجانب.
  • تعريف الحرف اصطلاحاً: هو صوت يعتمد خروجه على مخرج مُحقّق أو مُقدّر، والمحقّق وهو ما اعتمد على جزءٍ معيّنٍ من أجزاء الفم لخروجه؛ كالحلق، أو اللسان، والمقدّر وهو المخرج الذي لا يعتمد على جزءٍ معيّنٍ لخروج الحرف، وذلك كحروف الغنة والجوف.

أقسام مخارج الحروف

قسّم العلماء مخارج الحروف إلى خمسة مخارج عامّة؛ وهي: الجوف، والحلق، واللسان، والشفتان، والخيشوم، وسبعة عشر مخرجاً فرعيّاً، وبيان ذلك في ما يأتي:

إقرأ أيضا:ما هو فضل سورة البقرة
  • الجوف؛ وهو فضاء الفم والحلق، أو هو الخلاء، وحروفه: الألف الساكنة وما قبلها مفتوح، والواو الساكنة وما قبلها مضموم، والياء الساكنة وما قبلها مكسور.
  • الحلق؛ وهو الفراغ الممتد بين الحنجرة وأقصى اللسان، ويتفرّع من مخرج الحلق ثلاثة مخارج فرعية؛ هي:
    • أقصى الحلق؛ أي ممّا يلي جهة الصدر، وحروفه: الألف، والهاء.
    • وسط الحلق؛ وحروفه: العين، والحاء.
    • أدنى الحلق؛ وهو أقرب نقطة لجهة الفم، وحروفه: الغين، والخاء.
  • اللسان؛ وهو عضلة كبيرةٌ في الفم مغطّاة بحُبيبات لتذوّق الطعام، ويمكن له أن يتحرّك، ويلتفّ سواءً في الكلام، أو خلال مضغ الطعام، ويُقسم مخرج اللسان إلى عشرة مخارج فرعيّة؛ هي:
    • أقصى اللسان مع ما يقابله من الحنك العلويّ، ويخرج منه حرف واحد؛ هو حرف القاف.
    • أقصى اللسان، أدنى من حرف القاف، مع ما يقابله من الحنك العلويّ؛ يخرج منه حرف الكاف.
    • شجْر اللسان؛ أي وسط اللسان، مع ما يقابله من الحنك العلويّ، وهو مخرج الحروف الشجريّة، ويخرج منه حروف: الشين، والجيم، والياء غير المديّة.
    • الحرف الحافي للسان؛ وهو مخرج حرف الضاد، ويكون على امتداد أحد أحرف اللسان اليمين أو الشمال، وما يقابلها من الأضراس العليا، وقد يحقّق الإنسان المخرج نتيجة استطالة الجهتين اليمنى واليسرى معاً، لكنّه أصعب من خروج الحرف من حافّةٍ واحدةٍ من اللسان.
    • أدنى حافتيّ اللسان مع ما يقابلها مع لثة الأسنان العليا، وهو مخرج حرف اللام.
    • طرف اللسان مع ما يقابله من لثة الأسنان العليا، وهو مخرج حرف النون.
    • طرف اللسان، وقد يميل قليلاً إلى ظهر اللسان، مع ما يقابله من لثة الثنايا العليا، وهو مخرج حرف الراء.
    • طرف اللسان مع ما بين الثنايا السفلى والعليا، وللسفلى أقرب، وهو مخرج الحروف الأسليّة، وهي: السين، والصاد، والزاي.
    • ظهر طرف اللسان مع ما يحاذيه من أصول الثنايا العليا، وهو مخرج الحروف النطعيّة، وهي: التاء، والطاء، والدال.
    • ظهر طرف اللسان مع أطراف الثنايا العليا، وهو مخرج الحروف اللثويّة، وهي: الثاء، والذال، والظاء.
  • الشفتان؛ ويقسم هذا المخرج العام إلى مخرجين فرعيين؛ هما:
    • بطن الشفة السفلى مع أطراف الثنايا العليا، وهو مخرج حرف الفاء.
    • الشفتين ذاتهما، ويخرج منهما ثلاثة أحرف، كلّ حرفٍ له شكل مختلف للشفاه عن باقي الحروف؛ فإذا كانت الشفتان مضمومتان خرج حرف الواو غير المدي، وإذا كانت الشفتان مُطبقتان خرج حرف الباء، وحرف الميم.
  • الخيشوم؛ حروفه النون والميم، إذ يكون فيهما خاصية الغنّة، والغنّة هي صوت أغنّ، أو أرنّ، ويكون مقدارها حركتين فقط، أي أنّ الزمن اللازم لتطبيقها هو مقدار بسط الإصبع وقبضه مرتين متتاليتين، دون سرعة أو بطء ظاهر.

مذاهب العلماء في مخارج الحروف

اختلفت أقوال العلماء في عدد المخارج الرئيسية والفرْعية، فمنهم من فصّل المخارج فزادها، ومنهم من دمج مجموعةً من الحروف معاً في مخرجٍ واحدٍ، وفي ما يأتي بيان ذلك:

إقرأ أيضا:سبب تسمية سورة التوبة
  • ذهب الخليل الفراهيدي، ومكي بن أبي طالب، والجزري إلى جعل المخارج سبعة عشر مخرجاً، وهي كما فُصّلت سابقاً.
  • ذهب سيبويه، والإمام الشاطبي إلى جعل المخارج ستة عشر مخرجاً؛ إذْ أسقطوا مخرج الجوف من المخارج العامة، وجعلوا حروفه موزّعةً على المخارج الأخرى، حيث ألحقوا الألف المديّة بأقصى الحلق، والياء المديّة بوسط اللسان، والواو المديّة بالشفتين.
  • ذهب الفرّاء، والجرميّ، وقطرب وغيرهم؛ إلى جعل المخارج أربعة عشر مخرجاً؛ إذ أسقطوا الجوف من المخارج الرئيسيّة، وجعلوا مخارج اللسان الفرعية ثمانية؛ إذْ جمعوا اللام والنون والراء في مخرجٍ واحدٍ، وقد كان لكلّ حرف مخرجاً في الرأيين السابقين
السابق
ما هي سورة التوديع
التالي
لماذا نقرأ سورة الكهف يوم الجمعة