الأرض وعلوم البحار

اهتزاز التربة

قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ فصلت: 39.

الدلالة النصية:

هذه الآيات مع ما تدل عليه من حتمية البعث وعودة الحياة إلى الأموات بإذن الله، بذلك فإنها ترشدنا إلى مثال يتكرر أمام أعيننا من الأرض، حيث إنها بعد أن تكون قاحلة وهامدة ليس على وجهها شيء يتحرك، فإنها تهتز بنزول المطر عليها تربوا وتتزين بحلة قشيبة من النبات الحي، بل وتصبح موئلاً لارتياد الطيور والعوافي، فإذا بها عمرت بمظاهر الحياة.

الحقيقة العلمية:

إن أول من وصف حركة الأرض عن نزول الماء عليها، واهتزاز جزيئات التربة فيها، هو عالم النبات روبرت براون Robert Brown عام 1827 وسميت باسمه: الحركة البراونية Brownian Motion، ويرجع انتفاش التربة إلى خاصية تعلق الماء بجزيئات التربة ويسمى الادمصاص Adsorption؛ وإلى خاصية انتشار الجزيئات في الماء وتسمى الامتصاص Absorption، فالوصفان الجامعان ﴿اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ﴾ يكشفان عمليات على المستوى الجزيئي المجهري لا يدركها أحد زمن التنزيل إلا بوحي.

إقرأ أيضا:اختفاء بحر الآرال

عند جفاف التربة تأخذ الحبيبات وجزيئاتها أقل حيز، ومع الماء تنتفش التربة وتزداد في الحجم وتفتح طريقا لامتداد جذور النبات لخصائص خفية تميز تفاعل التربة مع الماء، ويمتد الوصف ليشمل المكونات الحية الكامنة كالبذور والكائنات الحية الدقيقة المتحوصلة حيث ينعشها الماء ويحثها على التنامي والتكاثر، وكأنها كانت كالموتى بسكونها، فطالها وصف مكونات تربة الأرض ذاتها بالحياة في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، وتتشرب مكونات التربة الماء ويعلق بها فتنتفخ وتتباعد أجزائها عن بعضها، ويزداد حجمها نتيجة لخاصتي التشرب والتعلق، ومع وجود الماء تتفكك المكونات وتتحول إلى جزيئات مشحونة خلال عملية التأين Ionization فتعمل على اهتزاز التربة.

وتفقس البيضات وتنشط الديدان والحشرات والجذور والسيقان، ويزداد معدل امتصاص التربة للماء فيزداد اهتزازها، وتبدأ الكائنات الدقيقة في النمو والتكاثر والازدياد وتبدأ الديدان والحشرات نشاطها في صناعة الأنفاق، فتزيد انتفاش التربة، وهكذا تربو التربة وتموج بأشكال لا تراها عين من الحياة مع السيقان اليانعة الممتدة فوق السطح لتشهد بقدرة الله تعالى، والمعجز أن يوجز العليم الخبير كل هذه العمليات الكيميائية والبيولوجية المجهرية في كلمتين اثنتين: ﴿اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ﴾.

وجه الإعجاز:

إن الإشارة إلى هذه الحركة البراونية منذ أربعة عشر قرناً، حيث كان الناس بجهالة تامة بحقيقة ما يجري لدى نزول المطر على الأرض، دليل واضح على أن من ذكر هذا الاهتزاز والربوة في التراب إنما هو خالق الكون، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم بلغنا هذا الكلام هو رسول حق وصدق.

إقرأ أيضا:من عجائب الماء
:Related references
Brown, Robert, “A brief account of microscopical observations made in the months of June, July and August, 1827, on the particles
contained in the pollen of plants; and on the general existence of active molecules in organic and inorganic bodies,” Phil, Mag, 4, 161–  173, 1828
Clark, P, (1976) ‘Atomism versus thermodynamics’ in Method and appraisal in the physical sciences, Colin Howson (Ed), Cambridge University Press 1976
Einstein, A, “Investigations on the Theory of Brownian Movement”, New York: Dover, 1956
(Nelson, Edward, Dynamical Theories of Brownian Motion (1967
Ruben D, Cohen (1986) “Self Similarity in Brownian Motion and Other Ergodic Phenomena”, Journal of Chemical Education 63, pp, 933–934
Merritt, D,; Berczik, P,; Laun, F, (February 2007), “Brownian motion of black holes in dense nuclei”, The Astronomical Journal 133: 553–563

 

إقرأ أيضا:الزلازل.. أسبابها وأماكن تواجدها
السابق
الوشم : رؤيةٌ شرعية وطِبية وخُلقية
التالي
المياه الجوفيه