لقد سمى الله تعالى النجوم بالمصابيح في قوله (وزينا السماء الدنيا بمصابيح) فهل جاء هذا للتشبيه فقط، أم أن هذه النجوم هي مصابيح بالفعل؟ هل تصدقون أن العلماء اليوم يسمونها “مصابيح”؟؟!…
في بحثٍ أجراه العلماء مؤخراً وجدوا أن أول نجوم تشكلت في هذا الكون هي (الكوازارات) أو النجوم اللامعة (شديدة اللمعان)، وهذه النجوم قديمة جداً يبلغ عمرها عدة بلايين من السنين. والسؤال ماذا وجد العلماء حول هذه النجوم؟
عندما التقطوا صوراً للكون البعيد بمجراته ونجومه، وجدوا وكأن هذه المجرات تظهر بألوان زاهية، ويقول العالم الألماني بول ميلر في بحث له بعنوان (لمحة عن النسيج الكوني في الكون المبكر):
إن هذه المجرات التي خلقت في بداية الكون وهذه النجوم تزين السماء كاللآلئ على العقد.
لأننا إذا نظرنا إليها من خلال المراصد نجد بالفعل أن هنالك ما يشبه الأحجار الكريمة (أحجاز الزينة) متوضعة ومتناثرة بألوان زاهية تدل على عظمة هذا الخالق سبحانه وتعالى. ويقول العلماء:
إن هذه الكوازرات أو النجوم اللامعة تعمل مثل المصابيح في الكون، إنها تعمل مثل المصابيح لأنها تضيء ما حولها.
فعندما صور العلماء غيوماً من الدخان الكوني غيوم كثيفة جداً رأوا هذه الغيوم بواسطة تلك النجوم يعني هذه النجوم تعمل مثل المصباح الذي يضيء الدخان وهذا الوصف يتجلى قول الحق تبارك وتعالى عندما قال: (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ) [فصلت: 12] فانظروا إلى هذه الكلمات العلمية الدقيقة (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) فهذه النجوم التي سماها الله تبارك وتعالى مصابيح يسميها اليوم علماء الغرب مصابيح أيضاً – الكلمة القرآنية ذاتها.
إقرأ أيضا:لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس
صورة للنجوم اللامعة أو المصابيح الكونية وهي تبدو بألوان رائعة تظهر مثل مجموعة من المصابيح التي تزين السماء! ويعجب العلماء من الطاقة الهائلة التي تبثها هذه النجوم لتضيء ما حولها لبلايين الكيلو مترات، ويقول عنها أحد العلماء: إنها حقاً تعمل مثل مصابيح كاشفة تكشف لنا الطريق!
إذاً يسمي القرآن هذه النجوم بالمصابيح، والعلماء اليوم بعدما تأكدوا يقيناً أن هذه النجوم تعمل عمل المصابيح أسموها (بالمصابيح). فهذا هو الدكتور تشارلز يقول:
إننا للمرة الأولى نرى كمية هائلة من الدخان حول إحدى المجرات، فهذه الكمية الكبيرة من الدخان والتي تلف المجرة فإن ضوء النجوم يصل إلى هذا الدخان لنرى هذا الدخان، ولولا هذه النجوم لم نتمكن أبداً من رؤية الدخان الكوني.
النجوم اللامعة تضيء الكون من حولها بشكل أذهل العلماء، حتى إن بعض هذه المصابيح الكونية لها شدة إضاءة تعادل ألف مجرة مثل مجرتنا، وبعبارة أخرى إن مصباحاً كونياً واحداً يبث من الضوء ما يبثه تريليون نجم معاً، فتأمل شدة إضاءة هذا المصباح الكوني!!
يقول تعالى: (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ) إن مصطلح (الزينة) يستخدمه العلماء اليوم لأنهم رأوا هذه المجرات كاللآلئ تزين السماء، كذلك فإن كلمة (مصابيح) أيضاً يستخدمها العلماء اليوم (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) هنا تتضح أمامنا الصورة الكونية الرائعة التي رسمها لنا القرآن، فهذا يعتبر من الإعجاز التصويري للقرآن لأن القرآن يصور لنا الأشياء قبل أن نراها أو نكتشفها.
إقرأ أيضا:بناء السماء وزينتها: من معجزات الله في الكون
تظهر هذه الصورة التي التقطتها وكالة ناسا وعرضتها بتاريخ 21/9/2007 أن الغبار الكوني وبكلمة أدق الدخان الكوني هو المسؤول عن تشكل النجوم، وبخاصة تلك النجوم اللامعة التي تشكلت في بداية الكون. وأن هذه المصابيح الكونية هي التي تضيء الدخان من حولها، ولولا وجودها لم نتمكن من رؤية الدخان الكوني.
الدخان هو أصل الكون!
يؤكد القرآن في آية رائعة أن السماء كانت ذات يوم دخاناً، وهذا ما أثبته العلماء اليوم، بل ويتحدثون كل يوم عن اكتشاف جديد يتعلق بهذا الدخان. ويقول العلماء بالحرف الواحد:
The dust particles that are mixed with the gas are tiny, only a fraction of a micrometer in size, and could therefore better be described as “smoke´´.
وهذا يعني: أن ذرات الغبار الممزوجة بالغاز دقيقة فقط أجزاء من الميكرو متر، ومن الأفضل أن نصفها كـ “دخان”!!!!
انظروا معي، هؤلاء علماء غير مسلمين يقولون إنه من الأفضل أن نسمي الغبار الكوني (دخان) إنهم يستخدمون الكلمة القرآنية ذاتها، ولا أملك إلا أن أقول صدقت يا الله في كل كلمة أنزلتها، فسبحان الله!
صورة للغبار المنتشر بين النجوم بكميات ضخمة جداً، وقد تبين أنه عبارة عن جزيئات قطرها عدة ميكرونات من السيلكون والفحم والأكسجين وهذه مركبات الدخان. هذا الدخان كان يملأ الكون ومنه تشكلت الأرض والكواكب والشمس والنجوم…
إقرأ أيضا:نهاية اسطورة دارون 4-سجلّ المتحجّرات وهزيمة التطوريينوهذا هو موقع CNN يعرض لسؤال قديم جديد يطرحه العلماء: “من أين أتينا؟” فالنباتات والإنسان تشكلا من الدخان الكوني، الذي جاء معظمه من بقايا النجوم المحتضرة، ولكن من أين جاء الدخان الذي ساعد في تكوين النجوم تلك؟ وقد يكون أحد التلسكوبات التابعة لوكالة ناسا الفضائية، تمكن من الكشف عن أحد الأجوبة، وهو الرياح المندفعة من الثقوب السوداء هائلة الحجم. فقد تعرف تلسكوب “سبيتزر” الفضائي على كميات كبيرة من غبار فضائي صادر عن شبه نجم، يبعد عنا ثمانية مليارات سنة ضوئية.
وقام علماء الفلك باستعمال التلسكوب لتحليل الموجات الطولية لضوء النجم، لمعرفة ماذا كان يوجد في الغبار الفضائي، فعثروا على دلائل تفيد بوجود زجاج ورمل وبلور ورخام وياقوت أحمر وآخر أزرق، وفقا لما صرحت به “سيسكا ماركويك كيمبر” من جامعة مانشستر في انجلترا، حيث يعتبر الدخان مهماً في عملية التبريد لتكوين النجوم، والتي تكون في الغالب غازاً، وعادة ما تتماسك بقايا الدخان معا مشكلة كواكب ومذنبات وكويكبات، كما أوضحت بذلك الفلكية “سارة غالاغر” من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس.
وقالت ماركويك كيمبر:
“في النهاية، كل شيء مصدره الغبار الفضائي (الدخان الكوني)، فهو يجمع قطع الأحجية بالكامل لمعرفة من أين أتينا.”
ويذكر بأن علماء الفلك يظنون بأن النباتات التي تشكلت خلال مليارات السنين، وتلك البعيدة عن أشباه النجوم، جاءت من الدخان الذي أفرزته النجوم المحتضرة، وذلك ما حدث مع كوكب الأرض. ولكن ذلك يترك سؤالا مطروحا، وهو المتعلق بمصدر الدخان الذي تشكّل في السنين الأولى من الكون، وهو الدخان الذي ساعد في تكوين الأجيال الأولى من النظم النجمية. تقول الباحثة ماركويك كيمبر:
لقد تشكل في رياح الثقوب السوداء”، وتتصادم جزيئات الغاز في حرارة النجم الشديدة، لتشكل عناقيد، ثم تنمو هذه العناقيد أكبر وأكبر، حتى يصبح بمقدورنا أن نسميها ذرات غبار (والأدق دخان).
ويقول علماء من وكالة ناسا:
Cosmic dust particles are very small. To understand their size and consistency, they may best be visually compared to cigar smoke
وهذا يعني أن ذرات الغبار الكوني صغيرة جداً ولكي نفهم حجمها وتركيبها من الأفضل أن نقارنها بدخان السيجارة.
إن هذه السحب الكونية لو كانت مؤلفة من الغبار لاحترقت، ولذلك فإن المنطق العلمي يفرض أن تكون مؤلفة من الدخان، وهذا ما أكده أحد علماء وكالة ناسا بقوله: Cosmic dust particles are about the size of a particle of smoke and because of their small sizes, most survive without ‘buring up. أي أن ذرات الغبار الكوني هي بنفس حجم ذرات الدخان، وبسبب حجمها الصغير نجدها تسلم من الاحتراق أو الاشتعال. وتأملوا معي كيف تقوم النجوم (المصابيح) بإضاءة السحب الدخانية.
انظروا معي كيف أن علماء أشهر وكالة فضاء في العالم يحاولون أن يفهموا طبيعة الغبار الكوني الذي تشكل في الكون المبكر، ولم يجدوا أفضل من كلمة (دخان) ليعبروا بها عن حقيقة هذه المادة، فما معنى ذلك؟ وما معنى أن نجد كتاباً مثل القرآن أنزل في القرن السابع الميلادي يعطينا الكلمة ذاتها، بل ويحدد زمن تشكل هذا الدخان وهو بداية نشوء الكون؟ إن هذا التطابق ليس له إلا تفسير واحد: القرآن كتاب الله! يقول تعالى (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ) [فصلت: 11].
لنتأمل هذا الإعصار الكوني الذي حدث على مسافة 450 مليون سنة ضوئية (حسب وكالة ناسا) ولولا وجود الدخان لم يكن لهذه الأعاصير أن تحدث، لنتأمل أيضاً النص الإلهي الرائع ونتصور كم من الآيات يحوي: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ، فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [فصلت: 11-12].
ما الذي يدرينا أن هذه الحقائق يقينية؟
قد يقول قائل: هذا الدخان الكوني يبعد عنا ملايين السنوات، ويستغرق ضوء هذه النجوم الذي انعكس على هذا الدخان ليصل إلى الأرض عدة ملايين من السنوات بل أحياناً مئات الملايين حسب بعد النجوم والمجرات. والسؤال الذي قد يثيره البعض: كيف تقحمون هذه النظريات العلمية في كتاب الله تبارك وتعالى؟
وأقول: إن القرآن الكريم هو كتاب الحقائق المطلقة، فكل كلمة في هذا الكتاب هي الحق من عند الله تبارك وتعالى، ونحن عندما نجداً تعارضاً بين العلم والقرآن، أي إذا خرج أحد العلماء بنظرية قال: إن الكون سيتمدد إلى ما لا نهاية، وهذه النظرية موجودة اليوم ويطرحها بعض علماء وكالة ناسا يقولون: إن الكون سيتمدد إلى ما لا نهاية ولن يكون له نهاية أبداً، هذا الكلام يناقض القرآن، هناك نظرية ثانية يقول فيها بعض العلماء: إن الكون سيعود وينطوي وينغلق على نفسه كما بدأ، وهذا الكلام نحن نتبناه ونعتقد به، لماذا؟ لأن الله عز وجل حدثنا عنه عندما قال: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) [الأنبياء: 104] وهذه الآية من الآيات المبهرة التي تحدثنا بدقة عن الأحداث التي سيمرّ فيها الكون في نهاية حياته.
عندما نرى هذه الآيات المبهرة ينبغي علينا أن نحمد الله أن نقول: (الحمد لله). لماذا نحمد الله تبارك وتعالى؟ لأنه منَّ علينا بهذه الآيات لتثبتنا على الحق، ولنكون أكثر إيماناً، وأكثر يقيناً بهذا الكتاب العظيم.