المجتمع في الإسلام

المشاورة و الحكم المستنبطة منها

المشورة والحكم المستنبطة منها: ركن أساسي في بناء المجتمعات

مقدمة

تعد المشورة من أهم الأدوات التي تساعد الأفراد والمجتمعات على اتخاذ القرارات الصائبة وحل المشكلات. وقد حث الإسلام على المشورة وأكد على أهميتها في بناء المجتمعات القوية المتماسكة. في هذا المقال، سنتناول مفهوم المشورة في الإسلام، والحكم الشرعية المستنبطة منها، وأثرها في الحياة الفردية والاجتماعية.

مفهوم المشورة في الإسلام

المشورة لغةً هي: استشارة الآخرين في الأمور، وطلب رأيهم فيها. وفي الشرع، هي طلب الرأي من أهل الخبرة والعلم في الأمور الهامة، سواء كانت أمورًا عامة أو خاصة. وقد جعل الله تعالى الشورى من صفات المؤمنين، فقال تعالى: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ (الشورى: 38).

الحكمة من مشروعية الشورى

  • ضمان صحة القرار: تساعد المشورة على الوصول إلى القرار الصائب، وذلك بتجميع الآراء والأفكار المختلفة وتقييمها.
  • تقليل الأخطاء: تقلل المشورة من احتمالية الوقوع في الأخطاء، لأنها تتيح الفرصة لمراجعة القرارات وتعديلها.
  • زيادة التوافق: تزيد المشورة من التوافق بين أفراد المجتمع، وتعزز روح التعاون والتكاتف.
  • تحمل المسؤولية: تجعل المشورة الجميع شريكًا في المسؤولية، مما يزيد من الالتزام بتنفيذ القرارات.

الحكم الشرعية المستنبطة من المشورة

  • وجوب المشورة: أمر الله تعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالمشورة مع أصحابه في الأمور الهامة، وهذا يدل على وجوب المشورة في الأمور العامة والخاصة.
  • اختيار أهل الخبرة: ينبغي أن تكون المشورة مع أهل الخبرة والعلم في المجال المعني.
  • الأخذ بأفضل الآراء: يجب أن يؤخذ بالرأي الأفضل والأصلح، سواء كان رأي المستشير أو رأي أحد المستشارين.
  • عدم الاستعلاء: لا يجوز للمستشير أن يستعلي على رأي الآخرين، بل عليه أن يستمع إليهم باهتمام ويقدّر آراءهم.
  • سرية المشورة: يجب أن تكون المشورة سرية، ولا ينبغي نشر ما قيل فيها إلا بعد اتخاذ القرار النهائي.

آثار المشورة في الحياة الفردية والاجتماعية

  • على الفرد: تساعد المشورة الفرد على اتخاذ القرارات الصائبة في حياته، وتزيد من ثقته بنفسه، وتساعده على تجنب الأخطاء.
  • على الأسرة: تعزز المشورة العلاقات الأسرية، وتساهم في حل المشكلات الأسرية، وتزيد من التماسك الأسري.
  • على المجتمع: تساهم المشورة في بناء مجتمع متماسك ومتعاون، وتزيد من قدرته على مواجهة التحديات.

أسباب إهمال المشورة في عصرنا

  • الاستعجال: الرغبة في اتخاذ القرارات بسرعة دون تأنٍ.
  • الغرور: الاعتقاد بأن الرأي الشخصي هو الأصح دائمًا.
  • الخوف من الاختلاف: الخوف من الاختلاف في الرأي وتعدد الآراء.
  • قلة الثقة بالآخرين: عدم الثقة بقدرات الآخرين وإمكانية الاستفادة من آرائهم.

كيفية تعزيز ثقافة المشورة

  • التوعية بأهمية المشورة: نشر التوعية بأهمية المشورة في الحياة الفردية والاجتماعية.
  • تدريب القادة على فنون المشورة: تدريب القادة والمسؤولين على كيفية إدارة الحوار والوصول إلى توافق في الآراء.
  • تشجيع الحوار البناء: خلق بيئة تشجع على الحوار البناء وتقبل الآراء المختلفة.
  • تطبيق مبدأ الشورى في المؤسسات: تطبيق مبدأ الشورى في المؤسسات الحكومية والخاصة.

خاتمة

إن المشورة هي سمة من سمات المجتمعات الناجحة، وهي أداة قوية لبناء العلاقات وتطوير الأفكار وحل المشكلات. علينا جميعًا أن نسعى إلى تعزيز ثقافة المشورة في حياتنا، وأن نستفيد من الحكمة التي جاء بها الإسلام في هذا الشأن.

إقرأ أيضا:التعاون من الثوابت الأساسية في الإسلام

دعوة إلى العمل:

  • لنجعل من المشورة جزءًا من حياتنا اليومية.
  • لنستمع لآراء الآخرين باهتمام واحترام.
  • لنعمل معًا على بناء مجتمعات قائمة على الحوار والتوافق.

ختامًا، أقول: إن المشورة هي نور يضيء الدروب، وكنز لا يفنى، وهي مفتاح السعادة في الدنيا والآخرة. فلتكن سعينا الدائم إلى طلب المشورة وتطبيقها، لننير دروبنا ودروب مجتمعاتنا.

إقرأ أيضا:آداب عيادة المريض
السابق
وحدة المسلمين
التالي
آداب وصفات المتعلم