المرأة الصالحة
لقد شرع الله عزّ وجلّ الزّواج، وجعل فيه السّكينة والطمأنينة، وأنعم الله على عباده المؤمنين بنعمة الزّوجة الصّالحة، فالزّوجة الصّالحة هي بمثابة جائزة يكرم الله بها عباده المؤمنين، فتكون له الرّاحة والأمان في الدّنيا والآخرة.
والمرأة الصّالحة هي المرأة التي تتّصف بصفات الصّلاح، والصّلاح هو الابتعاد عن ما حرّم الله والعمل بما أمرنا الله به، فأوّل الصّفات للمرأة الصالحة هي حسن إيمانها، فإن صلح إيمانها صلح حالها وخلقها، وكانت على خلق جميل، فالمرأة الصّالحة هي من استقامت بدينها وخلقها، فحفظت الله قبل كلّ شي فحفظها الله بكلّ شيء، والمرأة الصّالحة قبل أن يتحكّم بها قلبها ومشاعرها تتحكّم بها أخلاقها الحميدة، فتدفعها لفعل كلّ ما هو حميد، فتحافظ على بيتها وأطفالها ونفسها بما يرضي الله سبحانه وتعالى.
والمرأة الصالحة هي من ترتدي ثوب العفّة، فيبثّ الله في وجهها النّور، وفي قلبها السرور، ويمنحها الهيبة في عيون النّاس، فتطيع الله في السرّ و العلن، وتسعى إلى الخير وتنشره، فيتحلّى قولها بالصّدق، وتبتعد عن الكذب، ويتزيّن عملها بالأمانة والإخلاص، فتخلص العمل بمنزلها وفي عملها الرّسمي، وتخلص في تربية أولادها، فتحفظ زوجها وأهلها في بيتها ومالها.
كما تتمتّع المرأة الصّالحة بصفات عديدة، منها:
- أنّها لا ترفع صوتها على زوجها أو أهلها.
- أنّها تتحلى بالصّدق دوماً ولا تلجأ للكذب.
- أنّها تبتعد عن الانفعال والغضب والعصبيّة غير المبرّرة.
- أنّها متّزنة بكلامها وأفعالها وتميل إلى الحكمة.
- أنّها ملتزمة بدينها، ومحافظة على عباداتها وعلى طاعة الله.
- أنّها لا تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه ولا تصوم النّوافل إلا بإذنه ولا تنفق من ماله إلا بإذنه.
- أنّها تتّصف بالحياء والتّواضع لله تعالى وليست مغرورةً.
- أنّها تربّي أولادها تربيةً صالحةً على طاعة الله سبحانه وتعالى.
- أنّها لا تفشي أسرار حياتها الزّوجية خارج بيتها.
- أنّها تطيع زوجها بما يرضي الله، ولا تطيعه في عصيان الله.
- أنّها تصبر على البلاء وتحمده، وتشكر الله في السرّاء والضرّاء.
وكذلك فإنّ المرأة الصّالحة هي امرأة أكرمها الله بالعديد من النّعم، فمتى ما اتصفت المرأة بالصّلاح أكرمها الله بالزّوج الصّالح، والذريّة الصّالحة، وضاعف لها من حسناتها، فيثقل ميزانها يوم القيامة، ويصبح لها مكانة مرموقه في قلب زوجها وأهلها وأولادها، ويزرع الله الهيبة لها في أعين النّاس، فيسدّد الله الحكمة على لسانها، ويثبّت قلبها على دينه، ويجعل لها فوق راحة الدّنيا راحةً في الآخرة، وأجراً عظيماً لأنّها تصون بيتها وأهلها وزوجها وتحسن تربية أولادها.
إقرأ أيضا:ما هو الطلاق البدعيكيف يتم اختيار الزوجة الصالحة
هناك مجموعة من الصّفات التي يجب على المرأة أن تتصف بها، وبالتالي تصبح زوجةً صالحةً، ومنها أن تلتزم تقوى الله عزّ وجلّ، في سرّها وعلنها، وفي عسرها ويسرها، ويكون ذلك من خلال التزامها بحفظ لسانها، وأن لا تقول الزّور، أو تكذب، أو تغتاب أحداً ما، أو تنمّ، أو تقوم بأي أمر يخالف الشّرع، وأن تقوك بكفّ جوارحها عن كلّ أمر حرّمه الله سبحانه وتعالى، من فعل أمر حرام، أو المشي إليه، أو النّظر والاستماع إليه، وأن تحفظ قلبها من كلّ حسد، أو حقد، أو كبر، أو رياء، أو ان تسيء الظنّ بغيرها، وسائر أمراض القلوب.
والزّواج نعمة يجب أن يتمّ مقابلتها بالطاعة، ويجب على الزّوجين التزام الشّرع في حفلات الزّفاف، ثمّ يكون على المرأة بعد ذلك أن تطيع زوجها، وأن تستجيب له فيما يأمرها به، طالما لم يأمرها زوجها بمعصية الله سبحانه وتعالى، قال تعالى:” فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ “، النساء/34.
قال ابن عباس وغير واحد:” (قانتات) يعني مطيعات لأزواجهنّ ” حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ ” “، قال السدي وغيره:” أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله “، وبالتالي يجب على المرأة أن تحفظ أوامر زوجها، ,ان تحفظ طاعته، وتحفظ نفسها حالة حضوره وحالة غيبته، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:” لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها “، صحّحه السيوطي.
إقرأ أيضا:ما هي حقوق المرأة في الاسلاموقد جاء في المسند وغيره من حديث عبد الله بن أبي أوفى، أنّ النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – قال:” لو كنت آمراً أحدا أن يسجد لغير الله تعالى لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تؤدّي المرأة حقّ ربّها حتى تؤدّي حقّ زوجها كله، حتى لو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه “، قال الشوكاني إسناده صالح. (1)
اختيار الزوج الصالح
يعتبر النّظام الاجتماعيّ في الدّي الإسلامي نظام أسرة، وبالتالي فقد حرص الإسلام على أن يكون بناء الأسرة وفقاً لأسس سليمة ومتينة، فقد حثّ كلاً من الزّوجين على أن يحسن اختيار شريك حياته، وأوضح المواصفات التي يجب أن تتوافر في كلّ من الرّجل والمرأة، وبالتالي فإنّ الصّفات المطلوبة في الرّجل على وجه العموم هي ما ورد في الحديث:” إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير “، رواه الترمذي.
قال في تحفة الأحوذي:” شرح الترمذي شارحاً الحديث: قوله: (إذا خطب إليكم) أي طلب منكم أن تزوجوه امرأة من أولادكم وأقاربكم (من ترضون) أي تستحسنون (دينه) أي ديانته (وخلقه) أي معاشرته (فزوجوه) أي إياها (إلا تفعلوا) أي إن لم تزوجوا من ترضون دينه وخلقه وترغبوا في مجرد الحسب والجمال أو المال (وفساد عريض) أي ذو عرض أي كبير، وذلك لأنكم إن لم تزوجوها إلا من ذي مال أو جاه، ربما يبقى أكثر نسائكم بلا أزواج، وأكثر رجالكم بلا نساء، فيكثر الافتتان بالزنا، وربما يلحق الأولياء عار فتهيج الفتن والفساد، ويترتب عليه قطع النسب وقلة الصلاح والعفة، قال الطيبي: وفي الحديث دليل لمالك، فإنه يقول لا يراعى في الكفاءة إلا الدين وحده، ومذهب الجمهور: أنه يراعى أربعة أشياء الدين والحرية والنسب والصنعة، فلا تزوج المسلمة من كافر، ولا الصالحة من فاسق، ولا الحرة من عبد، ولا المشهورة النسب من الخامل، ولا بنت تاجر أو من له حرفة طيبة ممن له حرفة خبيثة أو مكروهة، فإن رضيت المرأة أو وليها بغير كفء صح النكاح كذا في المرقاة “.
إقرأ أيضا:كيف ابر اميوفسّر الفقهاء قول الكفاءة في الدّين بأن لا يكون فاجراً، أو فاسقاً، يقول ابن رشد في بداية المجتهد:” لم يختلف المذهب – يعني المالكي – أنّ البكر إذا زوّجها أبوها من شارب الخمر، وبالجملة من فاسق أنّ لها أن تمنع نفسها من النّكاح، وينظر الحاكم بعد ذلك، فيفرق بينهما، وكذلك إنّ زوجها ممّن ماله حرام، أو ممّن هو كثير الحلف بالطلاق “.
ويقول الإمام النووي في روضة الطالبين وهو شافعي:” والفاسق ليس بكفء للعفيفة “، وعلى هذا فإنّ الاختيار يجب أن يكون على أساس الدّين والخلق، وليس بناءً على أيّ اعتبارات أخرى، وهذا كما يدل عليه الحديث السّابق.