التعريف بالصحابي جندب بن جنادة
جندب بن جنادة هو الصحابي الكريم أبو ذرّ الغفّاري -رضي الله عنه-، وقد تعدّدت الآراء في اسمه ونسبه كثيراً، فقيل هو برير بن جندب، وقيل برير بن جنادة، وقيل جندب بن عبد الله، وقيل جندب بن السكن، ولكنّ الأشهر والمحفوظ عند أكثر أهل العلم أنّه جندب بن جنادة.
واختلف في نسبه بعد جنادة أيضاً، فقيل: جنادة بن قيس بن عمرو بن صعير بن حرام بن غفار، وقيل غير ذلك، وقد أسلم جندب بن جنادة -رضي الله عنه- قديماً، فكان من السابقين إلى الإسلام، ورجع إلى بلاده بعد إسلامه حتى انقضت غزوة بدر وأحد والخندق، ثمّ جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحبه حتى تُوفّي.
إسلام الصحابي جندب بن جنادة
كان أبو ذر -رضي الله عنه- يُصلّي ويتعبّد في الجاهلية، فلمّا سمع ببعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر أخاه أن يذهب إلى مكة حتى يعلم صدق هذا الأمر، فذهب ورجع وقال لأبي ذر: “رأيته يأمر بمكارم الأخلاق، وكلاماً ما هو بالشعر”، فقال له أبو ذر: “ما شفيتني مما أردته”.
وانطلق أبو ذر -رضي الله عنه- بنفسه إلى مكة، فدخل المسجد يبحث عن النبي الكريم، ولم يسأل أحداً عنه مخافة أن يعرف قومه ببحثه عن الإسلام، وكان النبي الكريم يأتي إلى المسجد ويخرج منه دون أن يعلم أبو ذر أنّه هو، فرأى علي -رضي الله عنه- أبا ذر وعرف أنه رجل غريب.
إقرأ أيضا:الصحابي حاطب بن أبي بلتعةولمّا بقي أبو ذر على هذا الحال ثلاثة أيام جاءه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فقال له: “ألا تحدثني ما الذي أقدمك”؟ فقال أبو ذر: “إن أعطيتني عهداً وميثاقاً لترشدنني فعلت”؟ فأعطاه عهداً، فأخبره أنّه يبحث عن النبي المبعوث وصدق دعوته، فقال له علي: “إنه حقٌ وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أصبحت فاتبعني فإني إن رأيت شيئاً أخاف عليك قمت كأني أريق الماء، فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي”.
ولمّا تبع أبو ذر عليَّاً -رضي الله عنهما- ودخل على النبي -صلى الله عليه وسلم- وسمع منه أسلم مباشرة، فقال له النبي الكريم: (ارْجِعْ إلى قَوْمِكَ فأخْبِرْهُمْ حتَّى يَأْتِيَكَ أمْرِي)، فقال أبو ذر: “والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لَأَصْرُخَنَّ بهَا بيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ”، فرجع وصرخ بين الناس بالشّهادتين، فغضب منه قومه وآذوه أذى شديداً حتى أنقذه العباس من بين أيديهم.
فضائل الصحابي جندب بن جنادة
تميّز الصحابي الكريم جندب بن جنادة -رضي الله عنه- بالعديد من الفضائل والمناقب، فقد كان من السابقين للإسلام، فكان خامس مَن أسلم، وقيل: رابعهم، وقيل إنّه أوّل مَن حيَّيَ النبي -صلى الله عليه وسلم- بتحيّة الإسلام.
وقد قال عنه النبي الكريم: (ما أَظَلَّتِ الخَضْرَاءُ ولا أَقَلَّتِ الغَبْرَاءُ أَصْدَقَ من أبي ذَرٍّ)، وقال عنه علي -رضي الله عنه-: “إنه وعاءٌ مليءٌ علما، ثم أُوْكئ عليه”، وكان من الذين نشروا الإسلام والدعوة في الشام.
إقرأ أيضا:الصحابي حكيم بن حزاموفاة أبي ذر الغفاري
عندما كان أبو ذر -رضي الله عنه- يحتضر بكت أمّه بكاءً كثيراً، فقال لها: “ما يبكيك”؟ فقالت: “ما لي لا أبكي وأنت تموت بفلاةٍ من الأرض، وليس عندي ثوب يسعك كفنًا”، فقال: (أبشِري ولا تَبكي،… وإنِّي سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ لِنفرٍ أنا فيهم: ليموتَنَّ رجُلٌ منكم بفَلاةٍ مِن الأرضِ يشهَدُه عصابةٌ مِن المؤمِنينَ)، ثمّ أخبرها أنّه هو المقصود.
ثمّ أمر أمّه أن تذهب وتتبصّر الطريق لتبحث عمّن يكفّنه، فكانت تفعل ذلك وتمرّضه، قالت: “فكُنْتُ أشتَدُّ إلى الكَثيبِ فأتبصَّرُ، ثمَّ أرجِعُ فأُمرِّضُه، فبَيْنما هو وأنا كذلك إذا أنا برِجالٍ على رَحْلِهم كأنَّهم الرَّخَمُ تخُبُّ بهم رَواحِلُهم”، فجاءوا إليها وسألوها عن حالها، فقالت: “امرُؤٌ مِن المُسلِمينَ يموتُ فتُكفِّنونَه”، وأخبرتهم أنّه أبو ذر، فقالوا: “صاحبُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم”؟ فقالت: “نَعم”.
إقرأ أيضا:قصة الصحابي جليبيبثمّ انطلقوا إليه مسرعين، فأخبرهم أبو ذر -رضي الله عنه- ببشارة النبي الكريم له، وقال لهم: “أنتم تسمعون إنه لو كان عندي ثوب يسعني كفنًا لي أو لامرأتي لم أكفّن إلا في ثوبٍ لي أو لها”، وطلب منهم أن يكفّنوه، فأجابه فتى من الأنصار أنّه سيكفّنه بردائه وبثوبين غزلتهما له والدته، وبالفعل كفّنه بذلك بعد وفاته ودفنوه