الشّريعة الإسلاميّة
جاءت الشّريعة الإسلاميّة كشريعةٍ شاملة كاملة لم تدع جانباً من جوانب حياة النّاس إلاّ وعالجته ووضعت له الحلول المناسبة، وقد شاء الله سبحانه وتعالى أن تكون هذه الشّريعة هي الشّريعة الخاتمة التي هيمنت على ما سبقتها من شرائع ونسختها، فهي شريعةٌ باقية إلى قيام السّاعة لا يقبل من إنسان إيمان ما لم يؤمن بها ويعتقد بصلاحية تطبيقها في كلّ وقتٍ وحين.
عالمية الإسلام
هناك خصائص عديدة للإسلام تمكنه من الانفتاح على قضايا العالم المعاصرة، ولا شكّ بأنّ الحياة المعاصرة بما تموج به من ثوراتٍ وتغيّراتٍ كبيرة في جميع جوانب حياة النّاس تتطلّب شريعةً مرنة تستطيع التّكيف والتّعامل مع هذه التّغيّرات، ولم تأت شريعة سماويّة بمثل ما أتت به الشّريعة الإسلامية من خصائص تمكّنها من احتواء هذه التّغيّرات والتّعامل معها ووضع الحلول لكلّ معضلة فيها، ومن أبرز خصائص الإسلام التي تمكّنه من الانفتاح على القضايا المعاصرة ما يلي:
- خاصيّة الشّمول والكمال، فشريعة الإسلام شريعةٌ كاملة شاملة اشتملت الأحكام الفقهيّة في العبادات والمعاملات، كما اشتملت كذلك التّوجيهات الأخلاقيّة التي تشكّل مرجعاً قيمياً هاماً لتعامل النّاس مع بعضهم البعض، لذلك فإن فإنّ المستجدات والتّغيّرات التي تطرأ على جميع جوانب الحياة تستطيع شريعة الإسلام التّعامل معها والانفتاح عليها لأنّها شريعةٌ كاملة شاملة تنطبق أحكامها على جميع الأمور المستجدّة بمعايير القياس وأدوات الفقه المرنة، فعلى سبيل المثال لم يعرف النّاس قديماً المخدرات بأشكالها ولم يرد النّص في تحريمها ولكن ورد النّص في تحريم ما شابهها من المواد والمسكرات قياساً، ولوجود العلّة في التّحريم وهو حصول الضّرر والقاعدة الشّرعيّة تؤكّد أنّه لا ضرر و لا ضرار.
- خاصية الوسطيّة، فدين الإسلام هو دين وسطي لم يكن دين رهبانيّة وتبتّل وانقطاع عن الدّنيا إلى العبادة والخلوة، ولم يكن كذلك ديناً متساهلاً يفصل الشّريعة عن الحياة ويغيّبها، بل هو وسط بين ذلك فلا إفراطٌ ولا تفريط، وبالتّالي فإنّ الإسلام يستطيع بهذه الخاصيّة الانفتاح على القضايا المعاصرة المستجدّة لأنّه دينٌ معتدل لا يسارع في الحكم على الأشياء على ظاهرها، وإنّما يدرسها بعين الفحص والتّمحيص متبيّناً جوانب النّفع والضّرر فيها حتّى ينفث عن النّاس الخبث، ويبقي ما ينفع النّاس في الأرض.
- خاصّية العالميّة، فالإسلام بشريعته الخاتمة كان الدّين العالمي الذي أرسل إلى النّاس كافّة، وبالتّالي لا يوجد دين رسالته تشمل جميع النّاس مهما اختلفت ألوانهم وأعراقهم أن يغيب عن المشهد العالمي، بل هو دين قادر على التّواجد في كلّ مكانٍ وزمان لمعالجة وحل مشكلات العالم ومواكبة قضاياه المعاصرة.