إن من جوانب النقص في حياتناوفي دعائنا ومناجاتنا لربنا قلة الثناء على الله تعالى وتمجيده وتعظيمه وتقديسه مع ما من الله به علينا من النعم الدينية والدنيوية التي لا تعد ولا تحصى.
· مثال واقعي:لو أعطاك شخص كل شهر مبلغا كبيرا من المال كيف سيكون تمجيدك وتعظيمك واحترامك وكثرة مدحك له في المجالس وغيرها ؟!ولله المثل الأعلى، فالله جل وعلا لا نستطيع أن نستغني عنه طرفة عين في حياتنا اليومية، أفلا يستحق هذا الرب الكريم المنان الرحيم الوهاب الرزاق الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلى أن نُثني عليه ونمدحه ونمجّده في الليل والنهار وفي جميع أحوالنا وشؤوننا كلها ؟!
· الثناء على الله في القرآن:
– لو تدبرنا القرآن حق التدبر لوجدنا أن القرآن كله في الحديث عن الله تعالى وعن أسمائه وصفاته وقدرته وعظمته، قال تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)، ولقد عرّفنا الله بنفسه في كتابه الكريم في عدة آيات منها على سبيل المثال:-
– أعظم آية في القرآن: آية الكرسي وهي كلها من أولها إلى آخرها ثناء على الله.
– قوله سبحانه: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْوَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ).
إقرأ أيضا:الشــوق إلــى اللــه تعالـى– وقوله تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا).
– وقول الحق: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
– وقوله سبحانه: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
– وقوله جل وعلا: (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
– وقوله عز وجل: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
– وقوله سبحانه: (قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ).
– وقوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
– وقوله سبحانه: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
إقرأ أيضا:صيام أول رجب– ووصفه نفسه سبحانه وتعالى بأنه: (خير الناصرين)، وأنه (خير الراحمين)، وأنه (خير الفاتحين)، وأنه (خير الغافرين)، وأنه (خير الحاكمين)، وأنه (خير الرازقين)، وأنه (خير الوارثين)، وأنه (خير الفاصلين)، وأنه (خير المنزلين).
· الثناء على الله تعالى في السنة:
– قال صلى الله عليه و سلم: ]ولا أحد أحب إليه المدح من الله تعالى [رواه البخاري ومسلم.
– قال النووي:حقيقة هذا مصلحة للعباد لأنهم يثنون عليه سبحانه وتعالى فيثيبهم فينتفعون وهو سبحانه غنى عن العالمين لا ينفعه مدحهم ولا يضره تركهم ذلك وفيه تنبيه على فضل الثناء عليه سبحانه وتعالى وتسبيحه وتهليله وتحميده وتكبيره وسائر الأذكار.
– قال النبي صلى الله عليه وسلم: [ اَلِظُّوا بيَا ذَا الجَلال والإِكرام ] رواه الترمذي.
أي الْزَمُوه واثْبُتُوا عليه وأكْثِرُوا من قوله والتَّلَفُّظِ به في دُعائِكم.
– ]جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: علمني كلاما أقوله قال: قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا سبحان الله رب العالمين لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم قال: فهؤلاء لربي فما لي قال: قل اللهم اغفر لي وارحمني واهدنى وارزقني.[رواه مسلم.
إقرأ أيضا:كيف نستغل يوم عرفةفهذا الحديث يشتمل على الثناء على الله في بدايته ثم الدعاء للنفس.
– دعاء الكرب: ]لا إله إلا الله العظيم الحليم , لا إله إلا الله رب العرش العظيم , لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم[متفق عليه.
· تأمل الثناء على الله في صلاتك:
– من خلال العناصر التالية:
1- تكبيرة الإحرام وتكبيرات الانتقال من ركن إلى ركنعندما تقول: ( الله أكبر ) ففيه تعظيم لله وأنه أكبر من كل شيء.
2- دعاء الاستفتاح:]سبحانك اللهم وبحمدك , وتبارك اسمك , وتعالى جدك , ولا إله غيرك[، وقوله: ]تعالى جدك[أي: عظمتك وشأنك وسلطانك.
3- الاستعاذة:فالإنسان لا يستعيذ إلا بمن يعتقد أنه قوي قادر.
4- البسملة:ففيها الاستعانة بالله والتوكل عليه وذكر الرحمن الرحيم.
5- الفاتحة:أول ثلاث آيات منها (الحمدلله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين)، ففيها الثناء والتمجيد لله.
6- أذكار الركوع:] – سبحان ربي العظيم[.
] –سبّوح , قدوس , رب الملائكة والروح[.
] –سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي[.
] – سبحان ذي الجبروت , والملكوت , والكبرياء , والعظمة[.
7- أدعية الرفع من الركوع:]- سمع الله لمن حمده[.
] – ربنا ولك الحمد , حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه[.
] – ملء السماوات وملء الأرض وما بينهما , وملء ما شئت من شيء بعده . أهل الثناء والمجد , أحق ما قال العبد , وكلنا لك عبد , اللهم لا مانع لما أعطيت , ولا معطي لما منعت , ولا ينفع ذا الجد منك الجد[.
8- أدعية السجود:
]سبحان ربي الأعلى[
] سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي [.
] سبوح , قدوس , رب الملائكة والروح[.
]اللهم لك سجدت وبك آمنت , ولك أسلمت , سجد وجهي للذي خلقه , وصوره , وشق سمعه وبصره , تبارك الله أحسن الخالقين [.
] سبحان ذي الجبروت , والملكوت , والكبرياء , والعظمة[.
9- التشهد:]التحيات لله , والصلوات , والطيبات , السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته , السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين . أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله[.
– قال النووي:وأما التحيات فجمع تحية وهي الملك وقيل البقاءوقيل العظمة وقيل الحياة.
10_ في آخر الصلاة الإبراهيمية:( …….. إنك حميدُ مجيد ) ففيه ثناء على الله بكثرة الحمد والتمجيد لله سبحانه وتعالى .
– فأنت تعظّم الله وتثني عليه في صلاتك بقلبك ولسانك وجوارحك فانتبه لهذا الأمر ولا تكن من الغافلين اللاهين الذين لا يدرون ما يقولون في صلاتهم ولا يتدبرون ولا يتأملون في هذه الأذكار والأدعية.
· تأمل الثناء على الله بعد السلام من الصلاة:
– فمن تدبرها حق التدبر وجدها أنها كلها فيها الثناء والتمجيد لله تعالى.
]-أستغفر الله ( ثلاثا ) اللهم أنت السلام , ومنك السلام , تباركت يا ذا الجلال والإكرام [.
]-لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير , اللهم لا مانع لما أعطيت , ولا معطي لما منعت , ولا ينفع ذا الجد منك الجد [
]-لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك , وله الحمد وهو على كل شيء قدير . لا حول ولا قوة إلا بالله , لا إله إلا الله , ولا نعبد إلا إياه , له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن , لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون [
]-سبحان الله , والحمد لله , والله أكبر ( ثلاثا وثلاثين ) لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير [.]قراءة آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين[.
· تأمل الثناء على الله في أذكار الصباح والمساء:
– ففي أذكار الصباح والمساء من الأدعية والأذكار من الثناء على الله تعالى وتمجيده وتعظيمه الشيء الكثير، ومنها على سبيل المثال:
– سيد الاستغفار:]اللهم أنت ربي لا إله أنت , خلقتني وأنا عبدك , وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت , أعوذ بك من شر ما صنعت , أبوء لك بنعمتك علي , وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت[.
– ]اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك , فلك الحمد ولك الشكر[.
– ]حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ( سبع مرات )[.
– ]سبحان الله وبحمده (مائة مرة)[ .
– ] لا إله إلا الله , وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير]( مائة مرة إذا أصبح ) [.
– ]اللهم عالم الغيب والشهادة فاطر السماوات والأرض , رب كل شيء ومليكه , أشهد أن لا إله إلا أنت , أعوذ بك من شر نفسي , ومن شر الشيطان وشركه , وأن أقترف على نفسي سوءا , أو أجره إلى مسلم[ ، وإلى غير ذلك من أذكار الصباح والمساء.
· تأمل الثناء على الله تعالى في أذكار النوم:
– آية الكرسي.
– ]اللهم رب السماوات السبع ورب الأرض , ورب العرش العظيم , ربنا ورب كل شيء , فالق الحب والنوى , ومنزل التوراة والإنجيل , والفرقان , أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته . اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء , وأنت الآخر فليس بعدك شيء , وأنت الظاهر فليس فوقك شيء , وأنت الباطن فليس دونك شيء , اقض عنا الدين وأغننا من الفقر[.
– ]سبحان الله ( ثلاثا وثلاثين ) والحمد ( ثلاثا وثلاثين ) والله أكبر ( أربعا وثلاثين[.
· لا نحصي ثناء على الله:
– كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في السجود: ]اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك[.
– وقوله لا أحصى ثناء عليك: أي لا أطيقه ولا آتي عليه وقيل لا أحيط به.
– وقال مالك رحمه الله تعالى: معناه لا أحصى نعمتك وإحسانك والثناء بها عليك وإن اجتهدت في الثناء عليك.
· هل تعلم أن من الثناء على الله أن تقول:
– لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
– لا حول ولا قوة إلا بالله.
– سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم.
– سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
· اغرس في قلبك هذه العقيدة:
1- أن تعلم وتتيقن أن من يملك جميع المخلوقات ويتصرف فيها ويدبرها هو الله وحده لا شريك له، فكل ما في السماء والأرض من المخلوقات كبيرها وصغيرها كلهم عبيد فقراء إلى الله، لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ولا نصرا، ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا، فالله مالكهم وهم محتاجون إليه وهو غني عنهم سبحانه.
2- وأن تعلم وتتيقن أن خزائن جميع الأشياء عند الله وحده لا عند غيره، فكل شيء في الوجود فخزائنه عند الله، خزائن الطعام والشراب والمياه والرياح والأموال والبحار….وغيرها كلها عند الله، فكل ما نحتاجه نطلبه من الله ونسأله إياه ونكثر من العبادات والطاعات، فهو سبحانه قاضي الحاجات ومجيب الدعوات، هو خير المسؤولين وخير المعطين لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع.
3- أن تعلم وتتيقن أن الله وحده هو الإله الحق لا شريك له، وأنه وحده المستحق للعبادة، فهو رب العالمين، وإله العالمين، ونعبده بما شرع مع كمال الذل له وكمال الحب وكمال التعظيم، فلا تسأل إلا إياه، ولا تستعين إلا به، ولا تتوكل إلا عليه، ولا تخاف إلا منه، ولا تعبد إلا إياه، قال تعالى: (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ).
· فانظر -يا رعاك الله- وتأمل وتفكر وتدبركيف أن يوم المسلم وحياته كلها من حين أن يصبح إلى أن يمسي وفي جميع أحواله وشؤونه أنه يثني على الله تعالى ويمجده لما له من الأسماء الحسنى والصفات العلى والنعم التي لا تعد ولا تحصى.
فهل تدبرت هذه الكلمات وهذه الأذكار وهذه الأدعية التي تكررها كل يوم أم أنك تقولها وأنت لا تشعر بما تقول؟!