البطر لغة
مصدر قولهم: بطر، وهو مأخوذ من مادة (ب ط ر) التي تدل على الشق، قال ابن فارس: ويحمل عليها البطر وهو تجاوز الحد في المرح، وقيل: البطر الأشر وهو شدة المرح وقد بطر (بالكسر) يبطر، وأبطره المال، والبطر أيضا: الحيرة والدهش وأبطره: أدهشه، ويقال: بطرت الشيء أبطره بطرا: شققته ومنه سمي البيطار «1» ، وذهب دمه بطرا (بالكسر) أي هدرا، والبطر أيضا: الطغيان عند النعمة وطول الغنى، ومنه الحديث الشريف.. «لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا» وبطر الحق: التكبر عنه والتجبر عنده ورؤيته باطلا، وفي الحديث: «الكبر بطر الحق» ، قال ابن الأثير هو أن يجعل ما جعله الله حقا من توحيده وعبادته باطلا، وقيل: هو أن يتجبر عنده فلا يراه حقا، وقيل هو أن يتكبر عن الحق فلا يقبله، وذلك من قولهم: بطر فلان هدية أمره، إذا لم يهتد له وجهله ولم يقبله، وبطر النعمة بطرا فهو بطر، وفي التنزيل العزيز:
بطرت معيشتها (القصص/ 58) قيل: أوصل الفعل وحذف الجار (أي بطرت من معيشتها) كما في قوله تعالى واختار موسى قومه أي من قومه، وقيل معناه: إما بطرت أيام معيشتها، وإما بتضمين بطرت معنى كفرت وغمطت، وقال القرطبي: البطر هنا هو الطغيان بالنعمة، وقيل البطر: سوء احتمال الغنى بأن لا يحفظ حق الله فيه «2» .
إقرأ أيضا:الحقدوأورد ابن منظور للبطر معاني عديدة منها:
البطر: النشاط، والبطر: التبختر، والبطر قلة احتمال النعمة، والبطر: الدهش والحيرة والبطر:
الطغيان في النعمة، والبطر: كراهة الشيء من غير أن يستحق الكراهية، يقال: بطر النعمة يبطرها لم يشكرها، وبطر بالأمر ثقل به ودهش وأبطره المال، وأبطره حلمه، أي أدهشه وبهته، وأبطره ذرعه: حمله فوق ما يطيق (والذرع البدن، وقيل: العنق «3» ) ، والبطر في قول الله تعالى ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس (الأنفال/ 47) معناه كما يقول القرطبي: التقوي على المعاصي بنعم الله- عز وجل- وما ألبسه من العافية، والمعنى: خرجوا بطرينمرائين، وقد نزلت في أبي جهل وأصحابه الذين خرجوا يوم بدر لنصرة العير.
وقد جرى ما جرى من إهلاكهم «1» ، وقال أبو حيان: هذا تخويف لأهل مكة من سوء عاقبة قوم كانوا في مثل حالهم من إنعام الله عليهم بالرقود في ظلال الأمن، وخفض العيش فغمطوا النعمة، وقابلوها بالأشر والبطر فدمرهم الله وخرب ديارهم «2» .
البطر اصطلاحا
البطر: محركا- دهش يعتري الإنسان من سوء احتمال النعمة، وقلة القيام بحقها، وصرفها إلى غير وجهها.
وقال العز بن عبد السلام: البطر: سوء احتمال الغنى ومعناه التقصير في شكره، ورؤية المنة به، وهو والمرح وسيلتان إلى الطغيان «3» .
إقرأ أيضا:إطلاق البصرأنواع البطر
للبطر أنواع عديدة أهمها:
1- بطر الغنى.
2- بطر الملك.
وكلاهما مما يجب التحرز منه، قال تعالى في النوع الأول: إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى (العلق/ 6- 7) وقال في النوع الثاني في حق فرعون فحشر فنادى * فقال أنا ربكم الأعلى (النازعات/ 23- 24) «4» ، ويمكن أن يضاف إلى ذلك:
3- بطر المنصب والوظيفة.
4- بطر الجاه والمكانة الاجتماعية.
وكلاهما يمكن حمله على النوعين الأولين.
[للاستزادة: انظر صفات: الغرور- الكبر والعجب- نكران الجميل- الجحود- الطمع- السخط.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الإنصاف- التواضع- الحمد- الشكر- العدل والمساواة- الاعتراف بالفضل- الرضا- القناعة- الزهد] .
الآيات الواردة في «البطر»
1- ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط (47) «1»
2- وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين (58) «2»
الأحاديث الواردة في ذم (البطر)
1-* (عن أبي عبد الرحمن الفهري- رضي الله عنه- قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا، فسرنا في يوم قائظ شديد الحر، فنزلنا تحت ظل شجرة … الحديث وفيه «فقال: أسرج لي الفرس، فأخرج سرجا دفتاه من ليف، ليس فيه أشر ولا بطر، فركب وركبنا وساق الحديث) * «1» .
إقرأ أيضا:الاحتكار2-* (عن محمد- وهو ابن زياد-، قال:
سمعت أبا هريرة، ورأى رجلا يجر إزاره، فجعل يضرب الأرض برجله، وهو أمير على البحرين، وهو يقول: جاء الأمير، جاء الأمير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إن الله لا ينظر إلى من يجر إزاره بطرا» ) * «2» .
3-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا» ) *» .
4-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أحمي عليه في نار جهنم…. الحديث وفيه:
«الخيل ثلاثة: فهي لرجل أجر، ولرجل ستر، ولرجل وزر. فأما التي هي له أجر، فالرجل يتخذها في سبيل الله ويعدها له، فلا تغيب شيئا في بطونها إلا كتب الله له أجرا، ولو رعاها في مرج، ما أكلت من شيء إلا كتب الله له بها أجرا، ولو سقاها من نهر كان له بكل قطرة تغيبها في بطونها أجر، ولو استنت شرفا أو شرفين كتب له بكل خطوة تخطوها أجر.
وأما الذي هي له ستر فالرجل يتخذها تكرما وتجملا ولا ينسى حق ظهورها وبطونها في عسرها ويسرها. وأما الذي عليه وزر فالذي يتخذها أشرا وبطرا وبذخا ورياء الناس، فذاك الذي هي عليه وزر … الحديث) * «4» .
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذم (البطر)
1-* (عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال في قوله تعالى: ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس (الأنفال/ 47) : يعني المشركين الذين قاتلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر) * «5» .
2-* (قال النعمان بن بشير- رضي الله عنهما- على المنبر: إن للشيطان مصائد وفخوخا، وفخوخه البطر بأنعم الله، والفخر بإعطاء الله، والكبر على عباد الله، واتباع الهوى في غير ذات الله) * «6» .
3-* (عن قتادة- رضي الله عنه- في الآية ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا، قال:
كان مشركوا قريش الذين قاتلوا نبي الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر خرجوا ولهم بغي وفخر) * «1» .
4-* (عن مجاهد- رضي الله عنه- في قوله تعالى: ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا (الأنفال/ 47) قال: أبو جهل وأصحابه يوم بدر) * «2» .
5-* (قال ابن كثير- رحمه الله-: يقول الله تعالى معرضا بأهل مكة في قوله تعالى: وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها (القصص/ 58) أي طغت وأشرت وكفرت نعمة الله فيما أنعم به عليهم من الأرزاق، كما قال في الآية الأخرى: وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان إلى قوله تعالى فأخذهم العذاب وهم ظالمون (النحل/ 112- 113) ، ولهذا قال تعالى:
فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا، أي دثرت ديارهم فلا ترى إلا مساكنهم، وقوله تعالى:
وكنا نحن الوارثين (القصص/ 58) أي رجعت خرابا ليس فيها أحد) * «3» .
من مضار (البطر)
انظر مضار صفة ((الكبر والعجب))