أما الجزر الإفريقية المواجهة للساحل الشرقى الإفريقى فقد كانت مراكز تجارية وإسلامية مهمة، زخرت بالحياة الإسلامية وانتشر فيها الإسلام بصورة قوية، فمعظم سكان «زنجبار» من المسلمين ويتبعون المذهب «الشافعى»، واللغة التى تسود البلاد هى السواحيلية وهى لغة إفريقية فى مبناها، عربية فى كثير من مفرداتها، وقد عرف العرب «زنجبار» قبل الإسلام بأعوام طويلة واستمر ترددهم عليها ولاسيما منذ القرن الثامن الميلادى، فقد هاجر إليها كثير من العرب، وكانت تحت سيطرة حكام «كلوة» الإسلامية، ثم وقعت تحت حكم البرتغاليين منذ عام (1503م) فشيدوا كنيسة كبيرة فى مدينة «زنجبار»، وقضوا على حكم دولة الزنج.
ولما ازدهرت سلطنة «عُمان» فى جنوب شبه الجزيرة العربية وقضت على حكم البرتغاليين هناك وفى شرق إفريقيا، انتقل حكم «زنجبار» إلى العُمانيين وأصبحت جزءًا من أملاكهم ثم نقل السلطان «سعيد بن سلطان» مقر حكمه إليها عام (1832م)، ثم أصبحت محمية بريطانية عام (1890م)، وظل سلاطين «آل بوسعيد» يتولون حكمها تحت السيطرة البريطانية حتى نالت زنجبار استقلالها عام (1963م)، ثم انضمت إلى تنجانيقا فى اتحاد عرف باسم «تنزانيا».
والإسلام هو الدين السائد فى «زنجبار»، وتقدر نسبة المسلمين بنحو (90%) من مجموع السكان، منهم الشافعية ومنهم الشيعة الإسماعيلية والإباضية. وفى كل من «زنجبار» و «بمبا» محكمة شرعية لكل منها قاضيان أحدهما سُنِّى والآخر إباضى، والمساجد كثيرة ولكل طائفة من الطوائف جمعياتها التى ترعى شئونها ومدارسها ومكاتبها لتحفيظ القرآن. ويوجد فى «زنجبار» بعض الآثار العربية والشيرازية، وأهمها بعض المساجد الكبيرة وخاصة مسجد فى قرية «كيز مكازى» والذى شيد عام (500هـ = 1107م) على الطراز الفارسى.
إقرأ أيضا:طابع الإسلام والثقافة الإسلامية فى شرق إفريقياأما جزيرة «ملجاش» التى كانت تعرف باسم «مدغشقر»، وهى أكبرالجزر الإفريقية، فقد عرفها العرب منذ القرن التاسع الميلادى على الأقل، واختلط سكانها الأصليون بالمهاجرين العرب الذين جاءوا إليها من «زنجبار» و «جزر القمر» وغيرها، واعتنق الإسلام عدة قبائل ملجاشية، وتقدر نسبة المسلمين الآن بحوالى (20%) من السكان تقريبًا، وقد كانت من قبل مقرا لسلطنة عربية إسلامية تسمى سلطنة «مسلج» أشار إليها (جيان) وقال إن أهلها كانوا يتكونون من جالية عربية وفدت من شرق إفريقيا، وقد أشار المسعودى والإدريسى إلى هذه الجزيرة، وقالا إن فيها خلائق من المسلمين ويتوارثها ملوك من المسلمين وأن الإسلام غلب عليها.
والحقيقة أن مظاهر الإسلام فى هذه الجزيرة، كانت واضحة وبارزة قبل الغزو الأوربى لها، فالمساجد كانت منتشرة بكثرة، والأهالى يحافظون على أداء الشعائر والعبادات الإسلامية، فقبيلة «الساكلافا» على سبيل المثال يصوم كل أفرادها حتى الآن مسلمون ومسيحيون شهر رمضان، على اعتبار أن الصوم من التقاليد الموروثة عندهم، وهم لايأكلون لحم الخنزير، ولاتزال أسماء زعمائهم أسماء إسلامية. وجميع المدغشقريين حتى الذين دخلوا المسيحية على أيدى الأوربيين اعتادوا أن يختنوا أولادهم، ولايزالون يتلون عند الزواج آيات من القرآن الكريم على اعتبار أن ذلك من التقاليد الموروثة أيضًا، ولايزال أهالى ثغر «ماجنقا» وجميعهم مسلمون يكتبون لغتهم بالأحرف العربية، ويتكلم بها بعضهم.
أما «جزر القمر» التى تقع شمال غربى «مدغشقر» فيقدر عدد المسلمين فيها بأكثر من (95%) من مجموع السكان، والبقية مسيحيون من أصل فرنسى أو ملجاشى، وقد نزل العرب فى هذه الجزر فى القرن العاشر الميلادى، والمسلمون فيها يتبعون المذهب الشافعى ويتكلمون اللغة السواحيلية. وقد اعتنقوا الإسلام منذ القرن العاشر الميلادى، وقد غزاهم أمراء «كلوة» فى القرن الحادى عشر الميلادى واستولوا على بلادهم، ثم جاء الاستعمار البرتغالى فىأوائل القرن السادس عشر، ولم يلبث الأهالى أن ثاروا عليه وأخرجوه من بلادهم.
إقرأ أيضا:سلطنة شوا الإسلاميةوالمؤرخون لايزالون يتحدثون عن حسن تمسك أهل هذه الجزر بالإسلام وعن كثرة المساجد التى وصل عددها إلى (670) مسجدًا فى المدن والقرى، ويشيرون إلى انتشار الكتاتيب والمدارس التى تعلم الدين واللغة العربية بجانب اللغة السواحيلية. والعربية هى اللغة الرسمية، فبها تصدر الأوامر السلطانية وأحكام القضاة، أما السواحيلية فهى لغة التجارة. وكذلك فإن عادات الأهالى فى الزواج والختان والولادة وفى الاحتفال بالأعياد الإسلامية وبصوم شهر رمضان وبليلة القدر وبليلة الإسراء والمعراج وغيرها من المناسبات الإسلامية لا تبعد عن العادات والتقاليد التى يتبعها المسلمون فى بلدان العالم الإسلامى الأخرى، مما يدل على مدى عمق العقيدة الإسلامية فى نفوسهم، وعلى مدى الجهد الكبير الذى بذله الدعاة والتجار من العرب وغيرهم فى نشر الإسلام فى هذه الجزر، حتى أصبح كل أهلها يدينون بهذا الدين، ولذلك لا عجب أن انضمت هذه الجزر إلى الجامعة العربية منذ بضع سنين
إقرأ أيضا:سلطنة دارفور الإسلامية