الأثرة لغة
الأثرة هي المصدر من قولهم أثر يأثر وهو مأخوذ من مادة (أث ر) التي تدل على تقديم الشيء «1» ، يقال: لقد أثرت بأن أفعل كذا وهو (أي الأثر) هم في عزم، والأثير: الكريم عليك الذي تؤثره بفضلك وكرمك، والمرأة الأثيرة، والمصدر الأثرة، تقول: عندنا أثرة، ورجل أثير على فعيل، وجماعة أثيرون، وهو بين الأثرة، ويقال: أخذت ذلك بلا أثرة عليك، أي لم أستأثر عليك، ورجل أثر على فعل، يستأثر على أصحابه.
وفي الحديث: «سترون بعدي أثرة» أي من يستأثرون بالفيء، وهي الأثرة والإثرة والجمع إثر، والمأثرة والمأثرة بفتح الثاء وضمها: المكرمة لأنها تؤثر، أي تذكر، ويأثرها قوم عن قوم يتحدثون بها، وآثرت فلانا على نفسي من الإيثار، أي الإعطاء، واستأثر فلان … بالشيء أي استبد به، وقيل:
استأثر بالشيء على غيره: خص به نفسه واستبد به، ورجل أثر، على فعل، وأثر: يستأثر على أصحابه في القسم.
والاستئثار: الانفراد بالشيء، ومنه حديث عمر: فو الله
ما استأثر بها عليكم، ولا أخذها دونكم. وهي الإثرة، وكذلك الأثرة والأثرة، وأنشد:
ما آثروك بها إذ قدموك لها، … لكن بها استأثروا، إذ كانت الإثر «2»
اقرأ ايضا : احاديث عن العدل
إقرأ أيضا:الغي والاغواءالأثرة اصطلاحا
قال الكفوي: الأثرة هي التقدم والاختصاص «3» .
وقال ابن الأثير: أراد بالأثرة في الحديث الشريف «ستلقون بعدي أثرة» . أنه يستأثر عليكم فيفضل غيركم في نصيبه من الفيء.
وقال ابن حجر: أشار (بالأثرة) إلى أن الأمر يصير في غيرهم فيختصون (أنفسهم) دونهم (أي دون الأنصار) بالمال وكان الأمر على ما وصف صلى الله عليه وسلم «4» .
ويستخلص من جملة ما سبق أن الأثرة هي:
أن يختص الإنسان نفسه أو أتباعه بالمنافع من أموال ومصالح دنيوية ويستأثر بذلك فيحجبه عمن له فيه نصيب أو هو أولى به «5» .
أثر الأثرة على الفرد والمجتمع:
للأثرة واختصاص الذات أو الأقارب بالمصالح والمنافع دون غيرهم أضرار كثيرة على الفرد والمجتمع، لأنها نوع من الأنانية البغيضة يجلب الحقد بين الأفراد، ويمنع من وصول الحقوق لأصحابها، وتلك حالة تدعو إلى تذمر أصحاب الحق، وإلحاق الأذى بمن استأثر دونهم بالمال أو الوظيفة أو نحو ذلك مما ينبغي أن يكون الجميع فيه سواء.
إن الأثرة والأنانية إذا شاعت في مجتمع من المجتمعات انحل عقده، وانفصمت عراه؛ لأن ذلك ظلم لأصحاب الحقوق، وظلم أيضا لذوي الأثرة الذين يحصلون على حقوق الغير، مما يجعلهم كسالى مغرورين، وإذا ما حدث تبدل في الأوضاع، فإنهم يطالبون برد هذه الحقوق التي غالبا ما يكونون قد أضاعوها لعدم تعبهم في الحصول عليها، وحينئذ تنقلب المنافع إلى مهالك تهوي بهم في قاع السجون، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى، والأولى بالمسلم الحق ألا يؤثر نفسه، أو أقاربه، أو أصهاره، أو مقربيه بنفع لا يستحقونه، حتى لا يعود ذلك وبالا عليه وعليهم، وعليه أن يتحلى بعكس هذه الصفة وهو الإيثار بأن يفضل غيره على نفسه، وحينئذ فقط يصبح من المفلحين الذين تخلصوا من شح أنفسهم وبخلها بالمنافع على الغير، فإن لم يفعل فالواجب عليه العدل بأن يعطي كل ذي حق حقه، وله في أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة طيبة حيث مدحهم المولى- عز وجل- بقوله: ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون (الحشر/ 9) وعلى من وقعت عليه الأثرة أن يصبر ويحتسب من ناحية، وأن يطالب بحقه بالمعروف، سائلا المولى- عز وجل- أن يعينه، فالله سبحانه خير معين.
إقرأ أيضا:الفتنة[للاستزادة: انظر صفات: الاحتكار- البخل- الشح.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الإنفاق- الإيثار- البر- الجود- الكرم- السخاء- الجحود- المحبة] .
الآيات الواردة في «الأثرة»
1- فإذا جاءت الطامة الكبرى (34) يوم يتذكر الإنسان ما سعى (35) وبرزت الجحيم لمن يرى (36) فأما من طغى (37) وآثر الحياة الدنيا (38) وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى (40) فإن الجنة هي المأوى (41) «1»
2- قد أفلح من تزكى (14) وذكر اسم ربه فصلى (15) بل تؤثرون الحياة الدنيا (16) والآخرة خير وأبقى (17) «2»
الأحاديث الواردة في ذم (الأثرة)
1-* (عن أبي أمية الشعباني، قال: أتيت أبا ثعلبة الخشني، قال قلت: كيف تصنع في هذه الآية؟ قال: أية آية؟ قلت يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم (المائدة/ 105) .
قال: سألت عنها خبيرا، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر. حتى إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة «1» ، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، ورأيت أمرا لا يدان لك به «2» فعليك خويصة «3» نفسك. فإن من ورائكم أيام الصبر «4» الصبر فيهن على مثل قبض على الجمر. للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون بمثل عمله» ) * «5» .
إقرأ أيضا:الإمعة2-* (عن أسيد بن حضير- رضي الله عنه-:
أن رجلا من الأنصار خلا برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألا تستعملني «6» كما استعملت فلانا؟ فقال:
«إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض» ) * «7» .
3-* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنكم سترون بعدي أثرة وأمورا تنكرونها «8» » .
قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: «أدوا إليهم حقهم، وسلوا الله حقكم» ) * «9» .
4-* (عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه الوحي سمع عند وجهه كدوي النحل، فأنزل عليه يوما فمكثنا ساعة فسري عنه فاستقبل القبلة ورفع يديه وقال:
«اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا» ثم قال صلى الله عليه وسلم: «أنزل علي عشر آيات، من أقامهن دخل الجنة، ثم قرأ: قد أفلح المؤمنون (المؤمنون/ 1) حتى ختم عشر آيات» ) * «10» .
5-* (عن مالك بن أوس، قال: أرسل إلي عمر بن الخطاب فجئته حين تعالى النهار. قال:
فوجدته في بيته جالسا على سرير، مفضيا «11» إلىرماله «1» … الحديث وفيه: «فو الله ما استأثر عليكم.
ولا أخذها دونكم، حتى بقي هذا المال، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ منه نفقة سنة. ثم يجعل ما بقي أسوة المال … الحديث» ) * «2» .
الأحاديث الواردة في ذم (الأثرة) معنى
6-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله، أي الصدقة أعظم؟. فقال: «أن تصدق وأنت صحيح شحيح «3» ، تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم «4» ، قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، ألا وقد كان لفلان» ) * «5» .
7-* (عن بشير بن الخصاصية- رضي الله عنه- قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبايعه على الإسلام فاشترط علي: «تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وتصلي الخمس، وتصوم رمضان، وتؤدي الزكاة، وتحج البيت، وتجاهد في سبيل الله» قال: قلت:
يا رسول الله، أما اثنتان فلا أطيقهما، أما الزكاة فمالي إلا عشر ذود «6» هن رسل أهلي وحمولتهم، وأما الجهاد فيزعمون أنه من ولى فقد باء بغضب من الله فأخاف إذا حضرني قتال كرهت الموت وخشعت نفسي «7» .
قال:
فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم حركها ثم قال: «لا صدقة، ولا جهاد، فبم تدخل الجنة؟» قال: ثم قلت: يا رسول الله، أبايعك، فبايعني عليهن كلهن) * «8» .
8-* (عن المقداد- رضي الله عنه- قال:
أقبلت أنا وصاحبان لي وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد «9» فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس أحد منهم يقبلنا. فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق بنا إلى أهله.
فإذا ثلاثة أعنز، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «احتلبوا هذا اللبن بيننا» قال: فكنا نحتلب فيشرب كل إنسان منا نصيبه.
ونرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه قال: فيجيء من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائماويسمع اليقظان.
قال ثم يأتي المسجد فيصلي.
ثم يأتي شرابه فيشرب.
فأتاني الشيطان ذات ليلة، وقد شربت نصيبي.
فقال: محمد يأتي الأنصار فيتحفونه، ويصيب عندهم.
ما به حاجة إلى هذه الجرعة فأتيتها فشربتها.
فلما أن وغلت «1» في بطني وعلمت أنه ليس إليها سبيل، قال: ندمني الشيطان فقال:
ويحك ما صنعت؟ أشربت شراب محمد؟ فيجيء فلا يجده فيدعو عليك فتهلك. فتذهب دنياك وآخرتك … الحديث) * «2» .
9-* (عن عياض بن حمار المجاشعي- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته:
«ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني، يومي هذا. كل مال نحلته عبدا، حلال «3» .
وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم «4» .
وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم «5» عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا، وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم «6» ، عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب «7» .
وقال: إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك «8» .
وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء «9» تقرؤه نائما ويقظان، وإن الله أمرني أن أحرق قريشا فقلت: رب إذا يثلغوا رأسي «10» فيدعوه خبزة.
قال: استخرجهم كما استخرجوك، واغزهم نغزك «11» .
وأنفق فسننفق عليك، وابعث جيشا نبعث خمسة مثله، وقاتل بمن أطاعك من عصاك، قال: وأهل الجنة ثلاثة:
ذو سلطان مقسط متصدق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم.
وعفيف متعفف ذو عيال، قال: وأهل النار خمسة:
الضعيف الذي لا زبر له «12» ، الذين هم فيكم تبعا لايتبعون «1» أهلا ولا مالا، والخائن الذي لا يخفى له طمع «2» ، وإن دق إلا خانه، ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك، وذكر البخل أو الكذب «3» «والشنظير «4» الفحاش» ولم يذكر أبو غسان في حديثه «وأنفق فسننفق عليك» ) * «5» .
10-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن ثلاثة في بني إسرائيل:
أبرص وأقرع وأعمى بدا لله- عز وجل- أن يبتليهم فبعث إليهم ملكا … الحديث وفيه: ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته، فقال: رجل مسكين تقطعت به الحبال في سفره، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك.
أسألك، بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال، بعيرا أتبلغ به في سفري، فقال له: إن الحقوق كثيرة فقال له: كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس؟ فقيرا فأعطاك الله؟ فقال: لقد ورثت لكابر عن كابر، فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت، وأتى الأقرع في صورته وهيئته فقال له مثل ما قال لهذا. فرد عليه هذا، فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت، وأتى الأعمى في صورته.
فقال: رجل مسكين وابن السبيل، وتقطعت به الحبال في سفره، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك. أسألك بالذي رد عليك بصرك، شاة أتبلغ بها في سفري.
وقال له: قد كنت أعمى فرد الله بصري، وفقيرا فقد أغناني، فخذ ما شئت، فو الله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله، فقال: أمسك مالك، فإنما ابتليتم، فقد رضي الله عنك، وسخط على صاحبيك» ) * «6» .
11-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:
جلس إحدى عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئا، قالت الأولى:
زوجي لحم جمل غث «7» على رأس جبل وعر، لا سهل فيرتقى، ولا سمين فينتقل. قالت الثانية: زوجي لا أبث خبره «8» ؛ إني أخاف أن لا أذره: إن أذكره أذكر عجره وبجره «9» . قالت الثالثة: زوجي العشنق «10»
إن أنطق أطلق. وإن أسكت أعلق. قالت الرابعة: زوجي كليل تهامة «11» لا حر ولا قر.
ولا مخافة ولا سآمة، قالت الخامسة: زوجي إن دخل فهد «12» وإن خرجأسد، ولا يسأل عما عهد، قالت السادسة: زوجي إن أكل لف، وإن شرب اشتف، وإن اضطجع التف «1» ، ولا يولج الكف ليعلم البث … الحديث» ) * «2» .
12-* (عن حكيم بن حزام- رضي الله عنه- قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال: «إن هذا المال خضرة حلوة. فمن أخذه بطيب نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى» ) * «3» .
13-* (عن زيد بن أرقم- رضي الله عنه- قال: لا أقول لكم إلا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
كان يقول: «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل، والهرم وعذاب القبر. اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها) * «4» .
14-* (عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لو أن لابن آدم ملء واد مالا لأحب أن يكون إليه مثله، ولا يملأ نفس ابن آدم إلا التراب، والله يتوب على من تاب» ) * «5» .
15-* (عن كعب بن مالك الأنصاري- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه» ) * «6» .
من الآثار الواردة في ذم (الأثرة)
1-* (عن عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما- أن ملكا من الملوك خرج يسير في مملكته، وهو مستخف من الناس.
فنزل على رجل له بقرة، فراحت عليه تلك البقرة فحلبت، فإذا حلابها مقدار ثلاثين بقرة، قال: فأعجب الملك بها، وقال: ما صلحت هذه إلا أن تكون لي، فإذا صرت إلى موضعي بعثتإليه فأخذتها.
قال: وأقام إلى الغد فغدت البقرة إلى مرعاها ثم راحت فحلبت، فإذا حلابها قد نقص عن النصف، وجاء حلاب خمس عشرة بقرة.
قال: فدعا الملك ربها، فقال له: هل رعت في غير مرعاها بالأمس، أو شربت في غير مشربها بالأمس؟ قال: ما رعت في غير مرعاها بالأمس، ولا شربت في غير مشربها بالأمس، قال: ما بال لبنها قد نقص؟ قال:
يشبه أن يكون الملك قد هم بأخذها. فقال له الملك:
وأنت من أين يعرفك الملك؟ فقال له: هو كما أقول لك.
فإذا الملك ظلم أو هم بظلم ذهبت البركة، أو قال: ارتفعت البركة. قال: فعاهد الملك ربه في نفسه أن لا يأخذها ولا تكون له في ملك أبدا.
قال: وأقام الغد ثم غدت البقرة إلى مرعاها، فحلبت، فإذا حلابها قد عاد إلى ما كان.
قال: فدعا صاحبها، فقال له: هل رعت بقرتك في غير مرعاها بالأمس، أو شربت في غير مشربها بالأمس؟ قال: لا.
قال: فما بال لبنها قد عاد. قال: يشبه أن يكون الملك قد هم بالعدل.
قال:
فاعتبر الملك، وقال: لا جرم ولأعدلن ولأكونن على أفضل من ذلك أو نحو هذا «1» .
من مضار (الأثرة)
(1) بها تحل النقم وتذهب النعم.
(2) دليل على دناءة النفس وخستها.
(3) الأثرة معول هدام وشر مستطير.
(4) تؤذي وتضر وتجلب الخصام والنفور.
(5) تؤدي إلى انتفاء كمال الإيمان وقد تذهب بالإسلام.
(6) تبث اليأس في نفوس ذوي الحقوق.
(7) بها يضيع العدل وينتفي كرم الخلق.
(8) يحل العداء والكراهية محل المحبة والمودة في القلوب.
(9) تنتفي الأسوة الحسنة وتصير المنفعة باعث الحركة في الحياة.