أذكار

أذكار طلوع الشمس وغروبها

ذِكر الله تعالى

حثّ الله تعالى العبد المسلم على أداء العبادات والطّاعات، وحثّه أيضاً على ذِكره -سبحانه وتعالى- في أحواله وأوقاته جميعها؛ لما في ذِكره من أجر عظيم، ومنزلة رفيعة، وقد خصّ الله -تعالى- بعض الأوقات ببعض الأذكار، ومن الأوقات التي خصّها وقت طلوع الشّمس وغروبها، فما هو الذِّكر الخاصّ بطلوع الشّمس وغروبها، وما فضل هذا الذِّكر؟

أذكار طلوع الشمس وغروبها

ذِكر طلوع الشّمس

طلوع الشمس نعمة من الله تعالى؛ إذ إنّها لو لم تطلع لكان يوم القيامة، فكان طلوع الشمس فرصةً للعبد ليُجدّد توبته إلى الله تعالى، ويُكثر من الصّالحات، ويذكر الله -تعالى- ويحمده على نِعَمه التي لا تُحصى، ومن الذِّكر الخاصّ بطلوع الشمس ما رواه شقيق بن سلمة، عن عبد الله بن مسعود أنّه قال: (الحمدُ للهِ الذي وهبَ لنا هذا اليومَ، وأقالنا فيهِ عثراتنا).[١]

ولمزيد من الإيضاح، فإنّ طلوع الشمس لُغةً يعني بُزُوغها؛ ولفظ طُلوع اسم، وهو مصدر الفعل طَلَعَ، فيُقال: طلوع الشمس؛ أي بُزُوغها، ويُقال: طلوع الفجر؛ أي ظهور ضوء الصباح، وقد ورد ذِكرها في القرآن الكريم؛ حيث قال الله تعالى: (وَتَرَى الشَّمسَ إِذا طَلَعَت تَزاوَرُ عَن كَهفِهِم ذاتَ اليَمينِ…)،[٢] وطَلعَت الشمس؛ أي أنّها بدت، وظهرت، وانكشفت.[٣]

إقرأ أيضا:تمبلر أذكار

ذِكر ما بعد طلوع الشّمس

ما بعد طلوع الشمس يكون ارتفاعها، وارتفاع الشّمس يعني عُلوَّها؛ فيُقال: ارتفع الشّيء؛ أي عَلا،[٤] وما يُستحَبّ من الأذكار عند ارتفاع الشمس، التّسبيح والتّحميد؛ فقد رُوِي عن عمرو بن عبسة أنّه قال:(ما تَسْتَقِلُّ الشمسُ فَيَبْقَى شيءٌ من خَلْقِ اللهِ -عزَّ وجلَّ- إلَّا سَبَّحَ اللهَ -عزَّ وجلَّ- وحَمِدَهُ، إلَّا ما كان مِنَ الشيطانِ وأَعْتَى بَنِي آدمَ، فَسَأَلْتُ عن أَعْتَى بَنِي آدمَ؟ فقال: شِرَارُ الخَلْقِ، أوْ قال: شِرَارُ خَلْقِ اللهِ)،[٥] وما تعنيه عبارة (ما تستقلّ الشّمس)؛ أي أنّها ترتفع وتتعالى بقَدْر رمح، ففي هذا الوقت لا يبقى شيء ممّا خلقه الله تعالى إلّا ويُسبّحه ويحمده، فقد قال الله تعالى: (وَإِن مِن شَيءٍ إِلّا يُسَبِّحُ بِحَمدِهِ…)،[٦] فكلّ ما خلقه الله -تعالى- يُسبّحه ويحمده، إلّا ما ورد ذِكره في الحديث السابق من الشّياطين وغير المُكلّفين من الناس.[٧]

ذِكر ما بعد زوال الشّمس

زوال الشّمس هو الوقت الذي تكون فيه الشمس في كبد السماء، وبعد الزّوال هو بعد مَيل الشّمس عن وسط السّماء؛ أي بعد الظُّهر،[٨] وفي هذا الوقت يُستحَبّ الإكثار من ذِكر الله تعالى، وأداء العبادات، وغيرها من الأعمال الصّالحة، فعن عبد الله بن السائب رضي الله عنه، أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان يصلّي أربعاً بعد زوال الشّمس، وقال صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّها سَاعةٌ تُفتَحُ فيها أبوابُ السَّماءِ، فأحِبُّ أن يصعَدَ لي فيها عَملٌ صالِحٌ).[٩] وقال الله تعالى: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ)؛[١٠] والعشيّ هو الوقت من زوال الشمس إلى المغرب، ويُقال: صلاتا العشيّ؛ أيْ صلاة الظهر، وصلاة العصر.[١١]

إقرأ أيضا:ما هي فوائد اذكار الصباح والمساء

ما يُقال من العصر إلى غروب الشمس

غروب الشمس هو وقت مغيبها،[١٢] وقد أمر الله -تعالى- عباده بتسبيحه، قال تعالى: (وَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ قَبلَ طُلوعِ الشَّمسِ وَقَبلَ غُروبِها…)،[١٣] وقال تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ)؛[١٤] والآصال هي جمع أصيل، والأصيل هو آخر النهار،[١٥] ويُستحَبّ الإكثار من ذِكر الله وقت العصر استحباباً مؤكّداً؛ فهي الصّلاة الوُسطى التي خصّها الله -تعالى- في قوله: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ).[١٦]

صِيَغ تسبيح الله تعالى

من صِيَغ تسبيح الله -عزّ وجلّ- قول العبد: (سُبحانَ الله وبحمدِهِ، سُبحانَ الله العظيم)، فجاء في الحديث النبويّ، عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (كلِمتانِ خفيفتانِ على اللسانِ، ثقيلتانِ في الميزانِ، حبيبتانِ إلى الرّحمنِ: سُبحانَ اللهِ وبحمدِه، سبحانَ اللهِ العظيمِ)،[١٧] ومنها أيضاً: (سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ)، فعن الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (لأن أقولَ: سُبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، أحبُّ إليَّ ممّا طلعتْ عليه الشمسُ)،[١٨] فتسبيح العبد لله -تعالى- يكون بترديد العبد ما شاء من صِيَغ التسبيح، ومنها كذلك: (سبحان الله العظيم وبحمده)، فجاء عن الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (من قال سبحان اللهِ وبحمدِه، في يومٍ مائةَ مرَّةٍ، حُطَّت خطاياه وإن كانت مثلَ زبدِ البحرِ).[١٩]

إقرأ أيضا:أذكار قبل النوم

ومن أذكار تسبيح الله تعالى، قول العبد: (الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، سبحان الله رب العالمين)، روِي ذلك عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقد جاء أعرابيّ إليه، قال له: (علّمني كلاماً أقوله)، فقال له الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (قُلْ لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك لهُ، الله أكبرُ كبيراً، والحمدُ لله كثيراً، سبحان اللهِ ربِّ العالَمِين، لا حولَ ولا قوّةَ إلا باللهِ العزيزِ الحكيمِ).[٢٠]

فضْل ذِكر الله تعالى

لذِكر الله -تعالى- فضائل كثيرة، ينالها العبد بدوام ذِكره له، منها:[٢١]

  • مَن يُكثر ذِكر لله -تعالى- يُعدّ من السابقين إليه، وإلى نيل رضوانه ومغفرته، فقد جاء عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (سبقَ المُفرِّدونَ، قالوا: وما المُفَرِّدونَ يا رسولَ اللهِ؟ قال الذَّاكرون اللهَ كثيراً، والذَّاكراتُ).[٢٢]
  • نيل المنزلة والثواب العظيمين من الله تعالى، قال تعالى: (…وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً).[٢٣]
  • تحقيق السعادة والطمأنينة والهناء في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (الَّذينَ آمَنوا وَتَطمَئِنُّ قُلوبُهُم بِذِكرِ اللَّهِ أَلا بِذِكرِ اللَّهِ تَطمَئِنُّ القُلوبُ).[٢٤]
  • بذِكر الله تعالى تدوم النِّعم، وتحلُّ فيها البركة، قال تعالى: (وَإِذ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذابي لَشَديدٌ).[٢٥
السابق
أذكار بعد الصلاة
التالي
الأذكار المستحبة يوم النحر والتشريق