النكران لغة
النكران اسم من أنكر الشيء ينكره إنكارا فهو منكر، ونكره ينكره نكرا فهو ناكر، واستنكره فهو مستنكر، وهي مأخوذة من مادة (ن ك ر) التي تدل على خلاف المعرفة التي يسكن إليها القلب. ونكر الشيء وأنكره لم يقبله قلبه ولم يعترف به لسانه «1» .
ويقول الراغب: الإنكار: ضد العرفان. يقال:
أنكرت كذا ونكرت، وأصله أن يرد على القلب ما لا يتصوره، وذلك ضرب من الجهل، قال تعالى: فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم (هود/ 70) ، وقال- جل من قائل-: فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون (يوسف/ 58) ، وقد يستعمل ذلك فيما ينكر باللسان، وسبب الإنكار باللسان هو الإنكار بالقلب، لكن ربما ينكر اللسان الشيء وصورته في القلب حاصلة ويكون في ذلك كاذبا، وعلى ذلك قوله تعالى: يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها (النحل/ 83) .
والمنكر: كل فعل تحكم العقول الصحيحة بقبحه، أو تتوقف في استقباحه واستحسانه العقول فتحكم بقبحه الشريعة، وإلى ذلك أشار بقوله:
الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر (التوبة/ 112) «2» .
والنكر: المنكر، قال الله تعالى: لقد جئت شيئا نكرا (الكهف/ 74) ، والنكراء مثله. والنكارة:
الدهاء، وكذلك النكر بالضم، يقال للرجل إذا كان فطنا منكرا: ما أشد نكره ونكره أيضا بالفتح.
إقرأ أيضا:عقوق الوالدينوقد نكر الأمر بالضم، أي صعب واشتد «3» ، وقيل: النكران والإنكار (واحد) وهو الجحود، وهو نقيض المعرفة، والمناكرة المحاربة، وبينهما مناكرة أي معاداة وقتال، والتناكر: التجاهل، فتقول: أنكره إنكارا ونكرا أي جهله، ومثله أنا أنكره إنكارا ونكرته قال الأعشى:
الجميل لغة
الجميل في اللغة وصف مشتق من مادة (ج م ل) التي تدل على الحسن، ومنه الجمال الذي هو ضد القبح، وقيل: الجمال والحسن، وقيل: الحسن الكثير، ورجل جميل وجمال، أصله- فيما يقول ابن قتيبة- من الجميل وهو ودك الشحم المذاب، يريد أن ماء السمن يجري في وجهه، ويقال: جمالك أن تفعل ذلك، أي اجمل ولا تفعله، وقالت امرأة لابنتها: «تجملي وتعففي» أي كلي الجميل (أي الشحم المذاب) ، «واشربي العفافة» وهي بقية اللبن. ويقال: جمل الرجل جمالا فهو جميل، والمرأة جميلة وجملاء، وقول أبي ذؤيب:
جمالك أيها القلب الجريح … ستلقى من تحب فتستريح معناه: الزم تجملك وحياءك، ولا تجزع جزعا قبيحا، وأجملت الصنيعة عند فلان، وأجمل فلان في صنيعه (أحسن) ، والمجاملة: المعاملة بالجميل، وجمله: زينه، والتجمل: تكلف الجميل، والتجمل أيضا: أكل السمن المذاب «1» ، والجميل كما يكون صفة للأناسي يكون وصفا للأفعال والأشياء.
نكران الجميل اصطلاحا
ألا يعترف الإنسان بلسانه بما يقر به قلبه من المعروف والصنائع الجميلة التي أسديت إليه سواء من الله- عز وجل- أو من المخلوقين.
إقرأ أيضا:الجزعوهذا المعنى قريب من كفران نعمة المحسن، ومن معنى الجحود والإنكار «2» .
اقرأ ايضا : تعبير بر الوالدين
أسباب كفران النعم وجحودها
قال الغزالي- رحمه الله تعالى-: لم يقصر بالخلق عن شكر النعمة إلا الجهل والغفلة، فإنهم منعوا بالجهل والغفلة عن معرفة النعم، ولا يتصور شكر النعمة إلا بعد معرفة كونها نعمة، ثم إنهم إن عرفوا نعمة ظنوا أن الشكر عليها أن يقول باللسان:
الحمد لله، الشكر لله. ولم يعرفوا أن معنى الشكر أن يستعمل النعمة في إتمام الحكمة التي أريدت بها وهي طاعة الله- عز وجل- فلا يمنع من الشكر بعد حصول المعرفتين إلا غلبة الشهوة واستيلاء الشيطان.
أما الغفلة عن النعم فلها أسباب، وأحد أسبابها أن الناس بجهلهم لا يعدون ما يعم الخلق ويسلم لهم في جميع أحوالهم نعمة، فلذلك لا يشكرون على ما عم الله به الخلق من شتى النعم في الكون والنفس كالشمس والقمر والليل والنهار والحرارة والبرودة واستساغة الطعام ذلك مما لا يحصى كثرة، لأنها عامة للخلق، مبذولة لهم في جميع أحوالهم، فلا يرى كل واحد لنفسه منهم اختصاصا به فلا يعده نعمة، فلا تراهم يشكرون الله على روح الهواء ولو أخذ بمختنقهم لحظة حتى انقطع الهواء عنهم ماتوا، ولو وأنكرتني وما كان الذي نكرت … من الحوادث إلا الشيب والصلعا قيل: والصحيح أن المصدر الإنكار والاسم النكر وقد يحرك مثل عسر وعسر فتقول: نكر ونكر قال الشاعر:
إقرأ أيضا:سوء الظنأتوني فلم أرض ما بيتوا … وكانوا أتوني بشيء نكر «4» حبسوا في بيت حمام فيه هواء حار أو في بئر فيه هواء ثقل برطوبة الماء ماتوا غما، فإن ابتلي واحد منهم بشيء من ذلك ثم نجا ربما قدر ذلك نعمة وشكر الله عليها، وهذا غاية الجهل، إذ صار شكرهم موقوفا على أن تسلب عنهم النعمة ثم ترد عليهم في بعض الأحوال، والنعمة في جميع الأحوال أولى بأن تشكر في بعضها، فلا ترى البصير يشكر صحة بصره إلا أن تعمى (عيناه) فعند ذلك لو أعيد عليه بصره أحس به وشكره وعده نعمة وهذا الجاهل الذي لم يقدر نعمة الله عليه مثل عبد سوء.
حقه أن يضرب دائما حتى إذا ترك ضربه ساعة تقلد به منة. فإن ترك ضربه على الدوام غلبه البطر وترك الشكر، فصار الناس لا يشكرون إلا المال الذي يتطرق إليه الاختصاص من حيث الكثرة والقلة وينسون جميع نعم الله تعالى عليهم. ولو أمعن الإنسان النظر في أحواله رأى من الله نعما كثيرة تخصه لا يشاركه فيها الناس كافة بل يشاركه عدد يسير من الناس، وربما لا يشركه فيها أحد من الخلق، وذلك يتمثل في ثلاثة أمور يعترف بها كل عبد:
أحدها: العقل فإنه ما من عبد لله تعالى إلا وهو راض عن الله في عقله يعتقد أنه أعقل الناس، وقل من يسأل الله العقل، ولذا وجب على كل الخلق شكر الله.
والأمر الثاني: الخلق، فما من عبد إلا ويرى من غيره عيوبا يكرهها، وأخلاقا يذمها، وإنما يذمها من حيث يرى نفسه بريئا منها فإذا لم يشتغل بذم الغير وجب عليه أن يشكر الله إذ حسن خلقه وابتلي غيره بسوء الخلق.
والأمر الثالث: الذي يقر به كل أحد: العلم، فما من أحد إلا ويعرف بواطن أمور نفسه، وخفايا أفكاره، وما هو منفرد به ولو كشف الغطاء حتى اطلع عليه أحد من الخلق لافتضح، فكيف لو اطلع الناس كافة، ألا يوجب ستر القبيح وإخفاؤه عن أعين الناس شكر هذه النعمة العظيمة، ولم يصرف الخلق عن شكر هذه النعمة إلا الغفلة والجهل، وأعم من هذه الأمور أمور أخرى فما من أحد من الخلق إلا وقد رزقه الله تعالى في صورته أو أخلاقه أو صفاته أو أهله أو ولده أو مسكنه أو بلده أو رفيقه أو زوجه أو عزه أو جاهه أو في سائر أموره، فإنه لو سلب ذلك منه وأعطي ما خص به غيره فإنه لا يرضى به. فإذا كان الأمر كذلك فقد وجب على كل الخلق أن يشكروه على أن جعلهم على هذه الحالة التي هم عليها ولم يجعلهم على حال الآخرين، ولكن غلب عليهم كفر النعمة. وما سد على الخلق طريق الشكر إلا جهلهم بضروب النعم الظاهرة والباطنة والخاصة والعامة أو الغفلة عنها لحصولهم عليها بلا أدنى سبب «1» .
حكم نكران الجميل
إن نكران الجميل أو كفران نعمة المحسن يجيز للمحسن أن يمن بنعمته على من أنكرها، يقول الراغب: ولحسن ذكرها (النعمة) عند الكفران قيل:
إذا كفرت النعمة حسنت المنة، هذا في الدنيا أما في الآخرة «1» ، فقد عدها بعض العلماء من الكبائر خاصة إذا كانت النعمة من الله سبحانه وتعالى أو ممن تجب مراعاته كالزوج. يقول الإمام ابن حجر: ذكر جماعة أن كفران نعمة المحسن من الكبائر وهو بعيد، ويتعين حمله على كفران نعمة الله- عز وجل- إذ هو المحسن على الحقيقة، ويمكن حمله أيضا على كفران نعمة محسن تجب مراعاته كالزوج لما ورد في ذلك من الوعيد الشديد «2» .
وقال- رحمه الله- في موضع آخر: ومن الكبائر كفران نعمة الخلق المستلزم لكفران نعمة الحق، وذكر أن عد ذلك من الكبائر هو ظاهر ما ورد في الحديث الذي رواه الترمذي (عن جابر) : «من أعطي عطاء فوجد فليجز به.. ومن كتم فقد كفر (الحديث رقم 14) ومعنى الكفر هنا أنه يجر إلى كفر نعم الله تعالى «3» .
[للاستزادة: انظر صفات: الجحود- الكفر- الغرور- عقوق الوالدين.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الاعتراف بالفضل- الشكر- الحمد- بر الوالدين] .
الآيات الواردة في «نكران الجميل»
1- ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار (28) «1»
2- والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون (78) ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون (79) والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين (80) والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون (81) فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين (82) يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون (83) «2»
3- وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون (112) ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون (113) فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون (114) «3»
4- قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم (40) «4»
الأحاديث الواردة في ذم (نكران الجميل)
1-* (عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن. قيل: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت: ما رأيت منك خيرا قط» ) * «1» .
2-* (عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قال: مطر الناس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
«أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر. قالوا: هذه رحمة الله. وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا، قال: فنزلت هذه الآية فلا أقسم بمواقع النجوم … حتى بلغ: وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون (الواقعة/ 75- 82) » ) * «2» .
3-* (عن رافع بن خديج- رضي الله عنه- أنه قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية، وعيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، كل إنسان منهم مائة من الإبل، وأعطى عباس بن مرداس دون ذلك. فقال عباس بن مرداس:
أتجعل نهبي ونهب العبي «3» … د بين عيينة والأقرع فما كان بدر ولا حابس … يفوقان مرداس في المجمع وما كنت دون امرئ منهما … ومن تخفض اليوم لا يرفع فأتم له رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة) * «4» .
4-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة فقيل: منع ابن جميل، وخالد بن الوليد وعباس بن عبد المطلب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرا فأغناه الله ورسوله، وأما خالد، فإنكم تظلمون خالدا، قد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله، وأما العباس بن عبد المطلب، فعم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي عليه صدقة، ومثلها معها» ) * «5» .
5-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن أعرابيا أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرة «6» فعوضه منها ست بكرات فتسخط «7» فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «إن فلانا أهدى إلي ناقة فعوضته منها ست بكرات فظل ساخطا، لقد هممت أن لا أقبل هدية إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو دوسي) * «8» .
6-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن ثلاثة في بني إسرائيل: أبرص «1» وأقرع وأعمى. فأراد الله أن يبتليهم «2» .
فبعث إليهم ملكا. فأتى الأبرص فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: لون حسن، وجلد حسن، ويذهب عني الذي قد قذرني الناس. قال: فمسحه فذهب عنه قذره. وأعطي لونا حسنا، وجلدا حسنا. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الإبل (أو قال البقر. شك إسحاق) إلا أن الأبرص أو الأقرع قال أحدهما: الإبل.
وقال الآخر: البقر، قال: فأعطي ناقة عشراء «3» . قال:
بارك الله لك فيها. قال: فأتى الأقرع فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: شعر حسن، ويذهب عني هذا الذي قذرني الناس. قال فمسحه فذهب عنه، وأعطي شعرا حسنا. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: البقر.
فأعطي بقرة حاملا. فقال: بارك الله لك فيها. قال فأتى الأعمى فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: أن يرد الله إلي بصري فأبصر به الناس. قال فمسحه فرد الله إليه بصره. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الغنم.
فأعطي شاة والدا «4» . فأنتج هذان وولد هذا «5» . قال: فكان لهذا واد من الإبل. ولهذا واد من البقر. ولهذا واد من الغنم. قال ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته.
فقال: رجل مسكين. قد انقطعت بي الحبال «6» في سفري. فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك. أسألك، بالذي أعطاك اللون الحسن، والجلد الحسن، والمال؛ بعيرا أتبلغ عليه في سفري.
فقال: الحقوق كثيرة. فقال له: كأني أعرفك. ألم تكن أبرص يقذرك الناس؟ فقيرا فأعطاك الله؟ فقال: إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر «7» . فقال: إن كنت كاذبا، فصيرك الله إلى ما كنت.
قال وأتى الأقرع في صورته فقال له مثل ما قال لهذا. ورد عليه مثل ما رد على هذا. فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت. قال وأتى الأعمى في صورته وهيئته. فقال: رجل مسكين وابن سبيل.
انقطعت بي الحبال في سفري. فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك. أسألك، بالذي رد عليك بصرك، شاة أتبلغ بها في سفري. فقال: قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري.
فخذ ما شئت. ودع ما شئت. فو الله لا أجهدك اليوم «8» شيئا أخذته لله. فقال: أمسك مالك. فإنما ابتليتم. فقد رضي عنك وسخط على صاحبيك» ) * «9» .
7-* (عن فضالة بن عبيد- رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة من العواقر: إمام إن أحسنت لم يشكر، وإن أسأت لم يغفر، وجار سوء إن رأى خيرا دفنه، وإن رأى شرا أذاعه، وامرأة إن حضرت آذتك، وإن غبت عنها خانتك» ) * «1» .
8-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم: رجل حلف على سلعة لقد أعطي بها أكثر مما أعطي وهو كاذب، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال امرىء مسلم، ورجل منع فضل ماء فيقول الله يوم القيامة: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك» ) * «2» .
9-* (عن أبي سعيد- رضي الله عنه- أنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو في فطر إلى المصلى فمر على النساء، فقال: «يا معشر النساء، تصدقن، فإني أريتكن أكثر أهل النار» ، فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: «تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن» ، قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: «أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟» قلن: بلى. قال: «فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟» قلن: بلى. قال: «فذلك من نقصان دينها) * «3» .
10-* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«خصلتان من كانتا فيه كتبه الله شاكرا صابرا، ومن لم تكونا فيه لم يكتبه الله شاكرا ولا صابرا، من نظر في دينه إلى من هو فوقه فاقتدى به، ونظر في دنياه إلى من هو دونه فحمد الله على ما فضله به عليه، كتبه الله شاكرا صابرا، ومن نظر في دينه إلى من هو دونه، ونظر في دنياه إلى من فوقه فأسف على ما فاته منه، لم يكتبه الله شاكرا ولا صابرا» ) * «4» .
11-* (عن أنس- رضي الله عنه- أنه قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم نفر من عكل فأسلموا، فاجتووا «5» المدينة فأمرهم أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها، ففعلوا فصحوا، فارتدوا فقتلوا رعاتها واستاقوا الإبل. فبعث في آثارهم، فأتي بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم «6» ،ثم لم يحسمهم «1» حتى ماتوا) * «2» .
12-* (عن زيد بن خالد الجهني- رضي الله عنه- قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في إثر السماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال: «هل تدرون ماذا قال ربكم؟» قالوا:
الله ورسوله أعلم، قال: قال: «أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء «3» كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب» ) * «4» .
13-* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه، فإذا أعرب عنه لسانه إما شاكرا وإما كفورا» ) * «5» .
14-* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أعطي عطاء فوجد فليجز به، ومن لم يجد فليثن فإن من أثنى فقد شكر، ومن كتم فقد كفر، ومن تحلى بما لم يعطه كان كلابس ثوبي زور» ) * «6» .
15-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تعلم الرمي ثم نسيه فهي نعمة جحدها» ) * «7» .
16-* (عن النعمان بن بشير- رضي الله عنهما- أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر: «من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله، التحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر، والجماعة رحمة، والفرقة عذاب» ) * «8» .
17-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنه قال: قالوا يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال:
«هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست في سحابة؟» قالوا: لا. قال: «فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس في سحابة؟» قالوا: لا. قال: «فو الذي نفسي بيده لا تضارون في رؤية ربكم إلا كما تضارون في رؤية أحدهما» . قال: فيلقى العبد فيقول:
أي فل «9» ، ألم أكرمك، وأسودك، وأزوجك، وأسخر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع «10» ؟ فيقول: بلى، قال: فيقول: أفظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا. فيقول:
فإني أنساك كما نسيتني. ثم يلقى الثاني فيقول: أي فل، ألم أكرمك، وأسودك، وأزوجك، وأسخر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى. أي رب، فيقول: أفظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا. فيقول: فإني أنساك كما نسيتني. ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك.
فيقول: يا رب، آمنت بك وبكتابك وبرسلك وصليت وصمت وتصدقت ويثني بخير ما استطاع. فيقول:
ههنا إذا. ثم يقال له: الآن نبعث شاهدنا عليك.
ويتفكر في نفسه من ذا الذي يشهد علي؟ فيختم على فيه. ويقال لفخذه ولحمه وعظامه: انطقي فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله. وذلك ليعذر من نفسه. وذلك المنافق. وذلك الذي يسخط الله عليه) * «1» .
18-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله- عز وجل-:
يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار» ) * «2» .
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذم (نكران الجميل)
1-* (قال علي- رضي الله عنه- «كن من خمسة على حذر: من لئيم إذا أكرمته، وكريم إذا أهنته، وعاقل إذا أحرجته، وأحمق إذا مازجته، وفاجر إذا مازحته) * «3» .
2-* (قال ابن عباس- رضي الله عنهما- في تفسير قوله تعالى: إن الإنسان لربه لكنود (العاديات/ 6) : أي كفور) *.
وكذا قاله جماعة. وقال أبو أمامة الباهلي- رضي الله عنه: الكنود: الذي يأكل وحده ويضرب عبده، ويمنع رفده.
وقال الحسن البصري- رحمه الله تعالى-: الكنود هو الذي يعد المصائب، وينسى نعم الله عليه) * «4» .
3-* (قال سعيد بن جبير- رحمه الله تعالى- عند تفسير قوله تعالى إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة (القلم/ 17) : كان أصحابها من قرية يقال لها ضروان على ستة أميال من صنعاء، وكان أبوهم قد خلف لهم هذه الجنة وكانوا من أهل الكتاب، وقد كان أبوهم يسير فيها سيرة حسنة، فكان ما يستغل منها يرد فيها ما تحتاج إليه ويدخر لعياله قوت سنتهم ويتصدق بالفاضل.
فلما مات وورثه بنوه، قالوا: لقد كان أبونا أحمق إذ كان يصرف من هذه شيئا للفقراء ولو أنا منعناهم لتوفر ذلك علينا، فلما عزموا على ذلك عوقبوا بنقيض قصدهم فأذهب الله ما بأيديهم بالكلية، رأس المال، والربح، والصدقة، فلم يبق لهم شيء) * «5» .
4-* (قال وهب بن منبه- رحمه الله تعالى-:
ترك المكافأة من التطفيف) * «1» .
5-* (قال كعب الأحبار- رحمه الله تعالى-:
ما أنعم الله على عبد من نعمة في الدنيا فشكرها لله وتواضع بها لله إلا أعطاه الله نفعها في الدنيا ورفع له بها درجة في الآخرة. وما أنعم الله على عبد نعمة في الدنيا، فلم يشكرها لله، ولم يتواضع بها، إلا منعه الله نفعها في الدنيا، وفتح له طبقات من النار يعذبه إن شاء أو يتجاوز عنه) * «2» .
6-* (كتب ابن السماك إلى محمد بن الحسن رحمهما الله تعالى- حين ولي القضاء بالرقة: أما بعد، فلتكن التقوى من بالك على كل حال، وخف الله من كل نعمة أنعم بها عليك من قلة الشكر عليها مع المعصية بها، وأما التبعة فيها فقلة الشكر عليها، فعفا الله عنك كلما ضيعت من شكر، أو ركبت من ذنب أو قصرت من حق) * «3» .
7-* (قال المتنبي:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته … وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا) * «4» .
8-* (قال الأصمعي- رحمه الله تعالى-:
سمعت أعرابيا يقول أسرع الذنوب عقوبة كفر المعروف) «5» .
9-* (قال إبراهيم بن مهدي مخاطبا المأمون:
البر بي منك وطا العذر عندك لي … فيما فعلت فلم تعذل ولم تلم وقام علمك بي فاحتج عندك لي … وقام شاهد عدل غير متهم لئن جحدتك معروفا مننت به … إني لفي اللؤم أحظى منك بالكرم تعفو بعدل وتسطو إن سطوت به … فلا عدمتك من عاف ومنتقم ) * «6» .
10-* (قال ابن المبارك- رحمه الله تعالى-:
يد المعروف غنم حيث كانت … تحملها شكور أو كفور ففي شكر الشكور لها جزاء … وعند الله ما كفر الكفور) * «7» .
11-* (قال ابن الأثير في النهاية: من كان عادته وطبعه كفران نعمة الناس وترك شكره لهم كان من عادته كفر نعمة الله- عز وجل- وترك الشكر له» ) * «8» .
12-* (قال ابن كثير- رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى: ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت اللهكفرا وأحلوا قومهم دار البوار (إبراهيم/ 28) : إن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين ونعمة للناس، فمن قبلها وقام بشكرها دخل الجنة، ومن ردها وكفرها دخل النار) * «1» .
13-* (قال أهل التفسير في معنى قوله تعالى: يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون (النحل/ 83) :
قال مجاهد: هي المساكن والأنعام وما يرزقون منها تعرف هذا كفار قريش ثم تنكره بأن تقول هذا كان لآبائنا فورثونا إياه.
وقال عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود:
إنكارهم إياها أن يقول الرجل: لولا فلان ما كان كذا وكذا، ولولا فلان ما أصبت كذا وكذا.
وقال آخرون: إن الكفار إذا قيل لهم: من رزقكم؟ أقروا بأن الله هو الذي يرزقهم ثم ينكرونه بقولهم:
رزقنا ذلك بشفاعة آلهتنا.
وقال ابن كثير: يعني أنهم يعرفون أن الله تعالى هو المسدي إليهم ذلك وهو المتفضل به عليهم ومع هذا ينكرون ذلك ويعبدون معه غيره ويسندون النصر والرزق إلى غيره) * «2» .
14-* (قال بعض الحكماء: لا يزهدنك في المعروف كفر من كفره، فإنه يشكرك عليه من لا تصنعه إليه) «3» .
15-* (ويقال أيضا: إعطاء الفاجر يقويه على فجوره، ومسألة اللئيم إهانة للعرض، وتعليم الجاهل زيادة في الجهل، والصنيعة عند الكفور إضاعة للنعمة، فإذا هممت بشيء فارتد الموضع قبل الإقدام عليه أو على الترك) * «4» .
من مضار (نكران الجميل)
(1) دليل على ضعف الإيمان وسوء الأخلاق ولؤم الطبع.
(2) من أسباب زوال النعمة بعد حصولها.
(3) يسبب غضب الرب وإعراض الخلق.
(4) يجلب الشقاء ونكد البال وسوء الحال.