أوحى الله -سبحانه وتعالى- إلى نبيّه محمد -عليه الصلاة والسلام- بالقرآن الكريم بلفظه، كما أوحى له بما ورد من معانٍ في الأحاديث الشريفة التي رواها النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ومن هذه الأحاديث الشريفة ما قاله النبيّ ناسبًا ورافعًا إياه إلى الله -تبارك وتعالى-، وهو ما يُعرف بالحديث القدسي، وفيما يأتي بيانٌ لوجه الفرق بين الأحاديث القدسيّة والنوبيّة من جوانب واعتباراتٍ عدَّةٍ.
الفرق بين الحديث القدسي والحديث النبويّ
فرّق علماء الحديث بين الحديث القدسيّ والحديث النبويّ وفقًا لاعتباراتٍ متعدِّدةٍ، وأوضحوا الفرق بينهما من جوانب مختلفةٍ، وفيما يأتي بيانٌ لأبرز هذه الفوارق.
الفرق بينهما من حيث التعريف والصيغة
إنّ الحديث القدسي: هو الحديث الذي يرويه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- منسوبًا ومرفوعًا أو مضافًا إلى الله -تبارك وتعالى-؛ فتكون صياغته بقول الرواي: “يقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فيما يرويه عن ربّه -عزّ وجلّ-“، أو قول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: “يقول الله -تبارك وتعالى-“، وسمّي بالقدسي؛ نسبةً إلى القُدُس؛ وهي نسبة تكريمٍ وإجلالٍ لله -تعالى-، ويسمّى كذلك بالحديث الربّانيّ أو الحديث الإلهي، أمّا الحديث النبويّ: فهو ما رُوي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ أو صفةٍ.
إنّ معنى الحديث القدسيّ موحى به من الله -تعالى-، أمّا لفظه وصياغته فمن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، والحديث النبويّ لفظه ومعناه من النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ لكنّه لا يخرج في مضمونه عن مراد الله -تعالى-؛ لأنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- مؤيَّدٌ ومصوَّبٌ من الوحي كما جاء في قوله تعالى: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى).
إقرأ أيضا:الحديث النبويالفرق بينهما من حيث الموضوعات
يذكر العلماء أنّ الأحاديث القدسيَّة في مجمل موضوعاتها لم تتناول الأحكام التكليفيَّة والمعاملات، ولم تأتِ إجابةً على سؤالٍ أو فتوى من الصحابة -رضي الله عنهم- للنبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ إنّما كان مضمونها توجيهاتٍ وإرشاداتٍ ربَّانيَّةً متعلِّقةً بتثبيت معاني العقيدة والأخلاق، أمّا الأحاديث النبويَّة فقد تعدّدت مضموناتها وجاء كثيرٌ منها يتناول الأحكام التكليفيَّة، ومعاملات الأفراد، أو كانت إجابةً عن تساؤلاتٍ وفتاوى للصحابة -رضي الله عنهم-.
الفرق بينهما من حيث المرتبة
تأتي الأحاديث القدسيَّةٌ في المرتبة الثانية بعد القرآن الكريم؛ لكون القرآن الكريم لفظًا ومعنى من الله -تعالى- أمّا الحديث القدسيّ؛ فمعناه فقط من الله -تعالى- كما أنّه غير مُعجزٍ ولا متعبَّدٌ بتلاوته مثل القرآن الكريم، وتأتي الأحاديث النبويَّة بعد القرآن الكريم والأحاديث القدسيَّة في المرتبة.
الفرق بينهما من حيث درجة التواتر
رُويت الأحاديث القدسيَّة كلّها بروايات آحادٍ أي لم تبلغ التواتر لا في لفظها ولا في معناها، أمّا الأحاديث النبويَّة فمنها ما هو آحادٌ ومنها ما هو متواترٌ لفظًا أو معنى،[٢] ويُقصد بالتواتر اللفظي: هو أن يروي جماعةٌ كثيرةٌ عن جماعةٍ كثيرةٍ يستحيل اتّفاقهم على الكذب الحديثَ بنفس الألفاظ والكلمات، والمتواتر المعنويّ: هو أن يروي جماعةٌ كثيرةٍ عن جماعةٍ كثيرةٍ يستحيل اتّفاقهم على الكذب الحديثَ بألفاظٍ وصياغاتٍ متعدِّدةٍ لكن معناها ومضمونها واحدٌ.
إقرأ أيضا:ماهو الحديث الغريب ؟الفرق بينهما من حيث العدد
إنّ عدد الأحاديث القدسيَّة قليلٌ جدًّا مقارنةً بعدد الأحاديث النبويَّة؛ حيث ذكر العلماء أنّ الأحاديث القدسيَّة يتجاوز المئة حديثٍ، وأوصلها المناوي إلى مائتين واثنين وسبعين حديثًا، أمّا الأحاديث النبويَّة فإنّ أعدادها أكثر من ذلك بكثيرٍ، وجمعها العلماء بدرجاتها المختلفة في كتب الصحاح والسنن والأسانيد والمعاجم الحديثيّة.
جدول للفرق بين الحديث القدسي والحديث النبوي
يمكن إجمال أبرز الفوارق بين الحديث القدسيّ والحديث النبويّ في الجدول الآتي:
وجه المقارنة
|
الحديث القدسي
|
الحديث النبوي
|
من حيث الصيغة
|
معناه من الله تعالى ولفظه من النبيّ.
|
لفظه ومعناه من النبي.
|
من حيث الموضوعات
|
توجيهات وإرشادات ربّانية.
|
أحكام تكليفيَّة، وإجابة عن فتاوى، وغيرها.
|
من حيث المرتبة
|
يأتي في منزلة ثانية بعد القرآن الكريم.
|
يأتي في المنزلة الثالثة بعد الحديث القدسي.
|
من حيث درجة التواتر
|
أحاديث آحاد، وليس فيها متواتر.
|
منها أحاديث آحاد ومنها ما هو متواتر لفظي، ومنها ما هو متواتر معنويّ.
|
من حيث العدد
|
عددها قليلٌ.
|
كثيرة العدد.
|