التَّربية الإسلاميّة
إنّ مفهوم التَّربية بحدِّ ذاتها تعني التَّهذيب والتَّأديب وِفق قوانين وتعاليم معتمدةً من قِبل المُربي الذي قد يكون الأب أو الأخ الأكبر أو الأم أو المُعلِّم أو القُدوة الصَّالحة أو الإنسان نفسه، وإذا أضيفت كلمة الإسلاميّة إلى التَّربية؛ فتُصبح التَّربية الإسلاميّة هي تربية الأجيال وِفق ما يتماشى مع الشَّريعة الإسلاميّة وتعاليمها ومبادئها، ومفهوم التَّربية الإسلاميّة من المفاهيم الحديثة التي عرفها العالم الإسلاميّ؛ فهي لم تردْ في القرآن الكريم ولا في السُّنّة ولا في سيرة الصَّحابة والتَّابعين وإنَّما كان يُشار لها بمصطلحاتٍ مرادفةٍ لها كالتَّأديب، والتَّعليم، والتَّطهير، والتَّزكية، والتَّهذيب.
وفي عصرنا الحاضر خرج مفهوم التَّربية الإسلاميّة عن معناه المتعلِّق بالتَّربية والتَّهذيب للدَّلالة على المواد الدِّراسيّة المتعلقة بالدِّين الإسلاميّ في المناهج التعليميّة للمدارس والجامعات، كما تدُلّ على التَّأريخ الإسلامي والحضارة الإسلاميّة وكُلُّ ما اتصّل بها من الشَّخصيات والأعمال والآثار، كما تدُّل على مجموعة القِيم والمبادئ والأخلاقيات في الإسلام.
خصائص التَّربية الإسلاميّة
امتازت التَّربية الإسلاميّة عن نظيراتها بعددٍ من المزايا نالت به القبول عند النَّاس والإشادة من قِبل كُلّ منْ درس وتعمّق في مفاهيم التَّربية الإسلاميّة من المستشرقين وغيرهم ومنها:
- الرَّبانيّة: فالتَّربية الإسلاميّة تستسقي مبادئها وتعاليمها من الله جلّ وعلا من خلال ما جاء في الكتاب والسُّنة، ولا تخرج عن هاتين الطَّريقتين إلا الأخذ من تشريعاتٍ أو أديانٍ وضعيّةٍ، كما أنّها تتبع في تنفيذ هذه المبادئ المنهج الرَّبانيّ القائم على اللِّين والحُسنى والموعظة الحَسنة.
- الوضوح والشُّموليّة: فقد امتازت التَّربية الإسلاميّة بالوضوح بعكس ما كانت عليه الأديان السَّابقة من الغموض وصعوبة الفهم للمعاني إلا من خِلال رجل الدِّين في حين نجد أنّ تعاليم الإسلام واضحةٌ سهلةٌ يستطيع المرء العاديّ فهمها وتطبيقها، كما شملت التَّربية جميع مناحي الحياة؛ فلم تقتصر على جانب العبادات والصِّلة بالله، بل شملت تعامل الإنسان مع أخيه الإنسان، ومع محيطه من الكائنات الحيّة والجمادات، وتعامله مع ذاته ونفسه.
- الاعتدال والوسطيّة: الإسلام هو دِين الاعتدال والوسطيّة؛ فالإسلام عرف أنّ الإنسان مخلوقٌ من الرُّوح والجسد؛ لذلك وازن بين متطلَّبات الرُّوح المتعلِّقة بالآخرة ومتطلبات الجسد المتعلِّقة بالدُّنيا؛ فكانت التَّربية الإسلاميّة بألا يطغى جانبٌ على الآخر؛ فلكلٍّ نصيبٌ مخصوصٍ.
- الواقعيّة: هي قبول التَّربية الإسلاميّة بالحال الواقع، وبما قد يَعتري الإنسان من لحظات ضعفٍ وتغييرٍ وحُزنٍ؛ فجعلت العمل والأجر على قدر الاستطاعة.
- الإيجابيّة: أروع ما في التَّربية الإسلاميّة هي تربية أبنائها على التَّفكير الإيجابيّ ودحض الأفكار السَّلبيّة الهدَّامة، والنَّظر إلى المستقبل بعين التفاؤل والأمل وحُسن الظَّن بالله، وترك الماضي والذُّنوب والآثام دون مبالاةٍ ما دامت هُناك نيّةٌ صادقةٌ للتَّوبة والتَّغيير نحو الأفضل.