قصص الأنبياء

الحكمة من أمر الله لإبراهيم بذبح ابنه

الحكمة من أمر الله لإبراهيم بذبح ابنه

وهب الله -عز وجل- إسماعيل للنبيّ إبراهيم -عليهما السلام- رغم كِبَر عمره، فتعلّق قلب الوالد بابنه تعلُّقاً شديداً، وقد ذكر أهل العلم العديد من الحِكم العظيمة في أمر الله -تعالى- لنبيّه إبراهيم -عليه السلام- بذبح ابنه إسماعيل، ويتلخّص أبرزها فيما يأتي:

إخلاص مقام المحبة والخلّة لله وحده

الخُلّة هي المحبّة العظيمة التي تتخلّل بمسالك الروح والقلب والجسد من شدّتها، وقيل إنّ الحِكمة من الأمر بذبح إسماعيل هي تفريغ قلب والده من شدّة تعلّقه بابنه، وتفريغ محلّ الخلّة منه لله وحده، “حتى لا تُزاحم خلّة الواحد الأحد محبّة الولد”، خاصّة وأن إبراهيم عليه السلام رُزِق بإسماعيل بعد أن كان يشتهي الولد لكِبر عمره.

ومعلومٌ أنّ الله -سبحانه- اتّخذ نبيّه إبراهيم خليلاً، قال -تعالى-: (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا)، وتقتضي الخلّة أن يُفرد الخليل محبّته لمولاه -سبحانه-، وأن لا ينازعه فيها أحد، وقد أخذ إسماعيل بعد ولادته شعبة من قلب أبيه، ولمّا وطّن إبراهيم -عليه السلام- نفسه على الاستجابة لأمر الله بذبح ابنه، وأخلص المحبّة كلّها لمستحقّها؛ فسد الذبح، إذْ لم يكن المقصود إراقة الدم، بل تفريغ القلب، فحصل الفداء، وارتفع البلاء.

اقرأ ايضا : طريقة ذبح الأضحية

الابتلاء والاختبار الدنيوي

لا شكّ أن أمر إبراهيم -عليه السلام- بذبح ابنه كان ابتلاءً عظيماً له، حتى يتبيّن منه صدق كمال محبّته لخليله الرحمن، وقد سأل سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له: (أيُّ النَّاسِ أشدُّ بلاءً؟ قالَ: الأَنبياءُ، ثمَّ الأَمثلُ فالأَمثلُ)،وقد امتحن الله -تعالى- نبيّه إبراهيم بثلاثة امتحانات لم يمتحن بها أحداً من أنبيائه، وهي:

إقرأ أيضا:مسامحة سيدنا يوسف لإخوته
  • امتحانه بإلقائه بالنّار من الكفّار، لكنّ المولى -سبحانه- جعلها عليه برداً وسلاماً.
  • امتحانه بذبح ابنه إسماعيل، ثمّ فداه الله بالكبش العظيم.
  • امتحانه بإسكان زوجته وولده بوادٍ غير ذي زرع وماء.

إظهار آيةٍ من آيات الله

إنّ في قصة فداء إسماعيل -عليه السلام- بالكبش العظيم بيانٌ لمظهرٍ عظيمٍ من مظاهر قدرة الله -عز وجل-، فقد كان تعطّل الذّبح وفداء إسماعيل -عليه السلام- بالكبش آيةٌ من آيات الله، قال -تعالى-: (فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ* وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ* قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ* وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)، ثمّ أصبح ذبح الأضاحي فيما بعد سُنّة في الأمّة وقُربى لله بإطعام المساكين والفقراء.

من الحِكم الأخرى في أمر الله بذبح إسماعيل

ذكر أهل العلم من الحكم الأخرى في أمر الله -تعالى- لنبيّه إبراهيم -عليه السلام- بذبح ابنه إسماعيل ما يأتي:

  • بيان لطف الله -تعالى بعباده بعد شدّتهم، وجبره لهم بعد انكسارهم، فيبقى العبد معلِّقاً قلبه الله، راضياً بحكمه، موقناً بلطفه.
  • الصبر عاقبته عظيمة، فقد كانت عاقبة صبر السيدة هاجر وابنها على التسليم لله -تعالى- وعلى الوحدة والغربة أنْ جعل الله -سبحانه- آثار أفعالهم ومواطئ أقدامهم مناسك لعباده المؤمنين إلى يوم القيامة.
  • لعلّ فيما حدث أيضاً ترقيقٌ لقلب السيدة سارة على السيدة هاجر وابنها، فعندما ولدت السيدة هاجر إسماعيل وأحبّه والده حباً كبيراً -وكانت السيدة سارة عقيماً في بداية الأمر لذلك وهبت جاريتها هاجر لزوجها إبراهيم-، فأحدث ذلك في قلبها غيْرة شديدة، لكن بعد الأمر بذبح إسماعيل -عليه السلام- رقّ قلبها لهما، وبردت حرارة غيْرتها.
السابق
من هو الخضر؟ هل كان نبياً؟
التالي
زواج يوسف عليه السلام من امرأة العزيز