وضوء وطهاره

أحكام الطهارة من الحيض

أحكام الطهارة من الحيض

الطّهارة

لم يترك الإسلام شارِدةً ولا واردة ولا صَغيرةً ولا كبيرةً إلا ذكرها وبيَّن أحكامها وتفاصيلها، وذلك إن دلَّ على شيءٍ فإنّما يدلُّ على عِظَم الدِّين الإسلاميّ وشموليّته وصلاحيّته لكلّ زمانٍ ومكان، ومن هذا الباب فقد جاءت أحكام الطَّهارة تامَّةً كامِلةً بكلّ تفاصيلها وجُزئياتها، وكل ما يتعلّق بها، ابتداءً من الوضوء والغُسل إلى أحكام الطّهارة من الحيض والنَّفاسِ والجنابة، إلى غير ذلك من الأحكام.

معنى الحيض

حَيْض لغةً (مفرد): مصدر حاضَ، دمٌ يسيل من رحم المرأة البالغة في أيّام معلومة من كلِّ شهر.

الحيض اصطلاحاً: (دم يُرخيه رحم المرأة بعد بلوغها في أوقاتٍ مُعتادةٍ، وأصله من حاض السّيل وفاض إذا سال).

ألوان دم الحيض

يكون دم الحيض في أيام العادة الشهريّة باتّفاق الفقهاء من الحنفيّة، والشافعيّة، والمالكية والحنابلة، إمّا أسود، أو أحمر، أو أصفر، أو أكدر (مُتوسّط بين السّواد والبياض)، ولا تُعدّ الصّفرة والكدرة بعد العادة حيضاً، ويرى الحنفيّة  أنّ ألوان دم الحيض ستّةٌ: السّوادُ، والحُمرةُ، والصُّفرة، والكدرة، والخضرة، والتُربية (أي على لون التّراب)، فكل ما تراه المرأةُ في أيام الحيض من الدّماء فهو حيض، حتى ترى البياض الخالص الذي هو علامةُ طهرها من الحيض: وهو شيء يُشبه المَخاط يخرج عند انتهاء الحيض.

إقرأ أيضا:لماذا لحم الجمل ينقض الوضوء

عمر بداية الحَيض

ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ أقل سِنّ يُمكن أن تَحيض فيه المرأة تسع سنين قمريّة؛ لأنّه لم يَثبت في العادة لأنثى حيضٌ قبل ذلك، وذهبوا إلى أنَّ انقطاع الحيض يكون في سنِّ اليَأس، وقد اختلف الفُقهاء في تحديد العمر في سِنِّ اليأس؛ فقال الحنفيّة: سِنّ اليأس خمس وخمسون سنة، وقال المالكيّة:[٩] إنَّ سنَّ اليأس سبعون سنة، ويرى الشافعيّة:[١٠] إنَّه لا حَدَّ لِسِنِّ اليَأس ما دامت حَيّةً، ولكنّها اثنان وستّون سنة، وقدَّر الحنابلة  سنَّ اليَأس بخمسين سنة.

مدة الحيض

المُراد بمُدَّة الحيض مقدار الزَّمن الذي تكون فيه المَرأة حائِضاً، بحيث لو نَقص أو زاد لا تُعتَبر المرأة حائضاً، وإن رأت الدم، أي أنَّ للحيض بدايةً ونهايةً، وقد ذهب الشافعيّة والحنابلة إلى أنَّ أقلّ مدّة الحيض يومٌ وليلةٌ وأكثرُها خمسة عشر يوماً بلياليهنّ. وذهب الحنفيّة  إلى أنّ أقلّ الحيض ثلاثة أيّام بلياليها، وما نقص عن هذه المُدّة فهو استحاضة، وذهبوا إلى أنَّ أكثرها عشرة أيام، فإذا زاد فهي مُستحاضَة.

وذهب المالكيّة  إلى أنّه لا حَدَّ لأقلّ الحيض بالزّمان، أمّا أكثره فقد ذَكَر المالكيّة حالتين للمرأة الحائض: الأولى أن تكون المرأة مُبتَدَأَةً (لم يَسبِق لها الحيض) وغير حامل فحيضتها تصل إلى خمسة عشر يوماً، الحالة الثّانية: أن تكون ممّن سبق لَهُنَّ الحيض وغير حامل فهذه تزيد على عدد أيام حيضتها السّابقة ثلاثة أيام.

إقرأ أيضا:ما هي أقسام الطهارة

أحكام الطّهارة من الحيض

ثبوت طهارة المرأة من الحيض

تثبتُ طهارة المرأة من الحيض بأحد أمرين: إمّا جفاف الدَّم وانقطاعه، وإمّا القصَّة البيضاء؛ وهي ماء أبيض رقيق يكون في نهاية الحيض، وقد رُوِي عن أم المُؤمنين عائشة رضي الله عنها أنَّ النّساء كُنَّ يُرسِلن إليها الدُّرجة فيها الشّيء من الصُّفرة فتقول: (لا تعجلن حتّى ترين القصّة البيضاء).

النّقاء من الدّم أيام الحيض

وهذا يعني بأن يبدأ الحيض ثمّ ينقطع مدّة زمنيةً ثم يعود، وقد اختلف الفقهاء في هذا على رأيين:

  • الأول: ذهب الحنفيّة  والشافعية  إلى أنَّ انقطاع الدَّم في أيام الحيض يُعتبر حيضاً؛ فلو رأت المرأة يوماً دماً ثمّ يومَ نقاءٍ وهكذا أثناء مدّة الحيض تُعتبر حائضاً في كلّ تلك المُدّة.
  • الثّاني: ذهب المالكيّة والحنابلة إلى أنَّ المرأة إذا رأت الدّم يوماً أو يومين ثمّ طَهُرت يوماً أو يومين تجمع أيّام الدّم بعضها إلى بعض وتُعتَبر باقي الأيام أيام طُهرٍ.

اشتراط النيَّة في الطهارة من الحيض

اختلف العُلماء في اشتراط النيّة للطّهارة من الحيض، ويُمكن تلخيص أقولهم على النحو الآتي:

  • ذهب جُمهور الفُقهاء من المالكيّة والشافعيّة والحنابلة إلى اشتراط النيَّة للطّهارة من الحيض.
  • ذهب الحنفيّة إلى أنّ النيّة في الطّهارة من الحيض سُنّةٌ وليست شرطاً لصحّته.
  • ذهب الإمام الأوزاعيّ إلى أنّه يُجزَئ الاغتسال من الحيض بلا نية.

دم الحامل

اختلف الفقهاء في الدّم الذي تراه الحامل هل هو دم حيض أم لا؛ فذهب الحنفيّة  والحنابلة  إلى أنّ دم الحامل دمُ علّةٍ وفساد، وليس بدم حيض، وأنّ الحامل لا تحيض، وقد استدلّوا بما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ النبيّ عليه الصّلاة والسّلام قال في سَبِيْ أوطاس: (لا توطأ حامل حتّى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض)؛  ووجه الاستدلال: أنّه جعل الحيض دلالةً على براءة رحم المرأة، وبناءً على هذا لا يجتمع الحيض مع الحمل؛ أي أن تكون المرأة حاملاً وحائضاً في نفس الفترة، وعلى هذا يكون الدّم دم علّةٍ وفساد، واستدلّوا أيضاً بقول النبيّ عليه الصّلاة والسّلام في حقّ ابن عمر لمّا طلّق زوجته وهي حائض: (مُره فليراجعها ثمّ ليُطلّقها طاهراً أو حاملاً)؛ فجعل وجود الحمل عَلَماً ودلالةً على عدم الحيض كالطّهر، أي كما أنّ الطُّهر دلالةٌ على عدم وجود الحمل أيضاً، ودلالة على عدم وجود الحيض.

إقرأ أيضا:بحث عن كيفية الوضوء

وقد ذهب المالكيّة والشافعيّة  إلى أنّ دم الحامل حيض، وقد استدلّوا بعمومِ الأدلّةِ، منها قول النبيّ عليه الصّلاة والسّلام: (دم الحيض أسود يُعرَف)،  واستدلّوا أيضاً بإجماع أهل المدينة عليه.

السابق
ما هي فرائض الوضوء
التالي
ما هي سنن الوضوء